الحواس الإنسانية، فإنه يستعمل كناية عن ذاته.
والتعبير ب وهو محسن من قبيل ذكر العمل الصالح بعد الإيمان.
والاستمساك بالعروة الوثقى تشبيه لطيف لهذه الحقيقة، وهي أن الإنسان يحتاج لنجاته من منحدر المادية والارتقاء إلى أعلى قمم المعرفة والمعنويات وتسامي الروح، إلى واسطة ووسيلة محكمة مستقرة ثابتة، وليست هذه الوسيلة إلا الإيمان والعمل الصالح، وكل سبيل ومتكأ غيرهما متهرئ متخرق هاو وسبب للسقوط والموت، إضافة إلى أن ما يبقى هو هذه الوسيلة، وكل ما عداها فان، ولذلك فإن الآية تقول في النهاية: وإلى الله عاقبة الأمور.
جاء في حديث نقل في تفسير البرهان عن طرق العامة عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): " وسيكون بعدي فتنة مظلمة، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى، فقيل: يا رسول الله، وما العروة الوثقى؟ قال: ولاية سيد الوصيين، قيل: يا رسول الله، ومن سيد الوصيين؟ قال: أمير المؤمنين، قيل:
يا رسول الله ومن أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين وإمامهم بعدي، قيل:
يا رسول الله، ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب " (1).
وقد رويت روايات أخرى في هذا الباب تؤيد أن المراد من العروة الوثقى مودة أهل البيت (عليهم السلام)، أو حب آل محمد (صلى الله عليه وآله)، أو الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) (2).
وقد قلنا مرارا: إن هذه التفاسير بيان للمصاديق الواضحة، ولا تتنافى مع المصاديق الأخرى كالتوحيد والتقوى وأمثال ذلك.
ثم تطرقت الآية التالية إلى بيان حال الفئة الثانية، فقالت: ومن كفر فلا يحزنك كفره لأنك قد أديت واجبك على أحسن وجه، وهو الذي قد ظلم نفسه.