المرفهين طبعوا على مخالفة أنبياء الحق، فتقول الآية المباركة: وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون.
" نذير " من " الإنذار " وهو الإخبار الذي فيه تخويف، وإشارة إلى أنبياء الله الذين ينذرون الناس من عذاب الله في قبال الانحرافات والظلامات والذنوب والفساد.
" مترفوها " جمع " مترف " من مادة " ترف " بمعنى " التوسع في النعمة " و (المترف) الذي قد أبطرته النعمة وسعة العيش. وأترفته النعمة أي أطغته (1).
نعم، فإن هذه الفئة المترفة الغافلة الطاغية كانت الصف المتقدم من مخالفي الأنبياء عادة، لأنهم يرون أن تعليمات الأنبياء تتضارب مع أمانيهم وأهوائهم من جهة، ولأن الأنبياء يدافعون عن حقوق المحرومين التي اغتصبها هؤلاء المترفين ونالوا هذا النعيم، من جهة ثانية، ولأنهم دائما يستخدمون عامل التسلط لحماية مصالحهم وأموالهم من جهة ثالثة، والأنبياء يقفون قبالهم في كل هذه الحالات، لذا فإنهم يهبون فورا لمخالفة الأنبياء.
العجيب أنهم لا يشيرون إلى حكم أو فقرة خاصة ليخالفوها، بل إنهم فورا ومرة واحدة يقولون (نحن كافرون بكل ما بعثتم به) ولن نخطوا معكم خطوة واحدة، وهذا بعينه أحسن دليل على عنادهم وتعصبهم إزاء الحق.
وقد كشف القرآن في آيات مختلفة عن مسألة مهمة، وهو أن المحرومين هم أول من يلبي دعوة الأنبياء، والمتنعمين المغرورين أيضا هم أول مجموعة ترفع لواء المخالفة.
ورغم أن منكري دعوة الأنبياء لا ينحصرون في هذه المجموعة فقط، ولكنهم غالبا عامل الفساد الأول والدعاة إلى الشرك والخرافات، ويسعون دوما إلى إكراه