فيهم إلى أن جاء الإسلام " (1) (2).
والآن لننظر ماذا تقول الملائكة للإجابة على سؤال الباري عز وجل؟ لقد اختارت الملائكة في الحقيقة أكثر الأجوبة شمولية وأعظمها أدبا قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون.
أما ما هو المقصود من الجواب الذي أجابت به الملائكة؟ فللمفسرين أقوال، ويبدو أن أقربها هو القول بأن المقصود (بالجن) هو (الشيطان) وسائر الموجودات الخبيثة التي شجعت عبدة الأوثان على ذلك العمل، وزينته في أنظارهم، وعليه فإن المراد من عبادة الجن هي تلك الطاعة والانقياد لأوامرها والرضي بأضاليلها.
فالملائكة إذا يقولون ضمن إعلان تنفرهم وعدم رضاهم على هذه الأعمال: إن العامل الأساسي لهذا الفساد هم الشياطين، وإن كان الظاهر أنهم يعبدوننا، فالمهم هو الكشف عن الوجه الحقيقي لهذا العمل أمام الملأ.
وقد ورد نظير هذا المعنى في سورة يونس - الآية (28) حيث يقول تعالى:
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون. أي إنكم في الحقيقة لم تعبدونا نحن، بل تعبدون أهواءكم وأوهامكم وخيالاتكم، ناهيك عن أن هذه العبادة لم تكن بأمرنا ورضانا. وعبادة هذا شكلها ليست بعبادة أصلا.
وبهذه الطريقة يتبدل أمل المشركين في ذلك اليوم إلى يأس كامل، وتتجلى لهم بذلك حقيقة أن معبوديهم لن يحلوا من مشاكلهم عقدة صغيرة واحدة، بل على العكس فهم منهم متنفرون مستاؤون.
لذا - وكاستخلاص للنتيجة - تقول الآية الكريمة التي بعدها: فاليوم لا يملك