بالتي تقربكم عندنا زلفى (1) لقد عم هذا الاشتباه الخطير بعضا من البسطاء، وتصوروا بأنهم ما داموا محرومين في الدنيا فهم مغضوب عليهم ومطرودون من رحمة الله، وهؤلاء المرفهون هم المحبوبون المقبولون لديه.
ما أكثر المحرومين الذين امتحنوا بالحرمان، فنالوا أرقى الدرجات والمراتب الروحية.
وما أكثر المرفهين الذين أصبحت أموالهم وثرواتهم وبالا عليهم ومقدمة لعقابهم.
أليس قد ذكرت الآية (15) من سورة التغابن بصراحة إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم.
ولكن ليس معنى هذا هو حث الإنسان على ترك السعي والدأب اللازم لإقامة الأود، بل المقصود هو التأكيد على أن امتلاك الإمكانات الاقتصادية والقوة البشرية الواسعة لا يمثل أبدا أية قيمة معنوية للإنسان عند الله.
ثم تتناول الآية موضوع المعيار الأصلي لتقييم الناس، وما يسبب قربهم منه (على شكل استثناء منفصل) فتقول: إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (2).
وعليه فجميع المعايير تعود أصلا إلى هذين الأمرين " الإيمان " و " العمل الصالح ". ويستوعب هذا المعيار جميع الأفراد وفي أي زمان أو مكان، ومن أي طبقة أو مجموعة كان. واختلاف مراتب البشر أمام الله إنما هو بتفاوت درجات إيمانهم ومراتب عملهم الصالح، ولا شئ سوى ذلك. حتى طلب العلم أو