والقرآن الكريم علمنا كيفية مزج البحوث المنطقية بالأصول الأخلاقية في المحاورة، حتى تنفذ في أرواح الآخرين.
شرط التأثير والنفوذ في روح الطرف المقابل هو إحساس الطرف المقابل بأن المتحدث يتحلى بالصفات التالية:
1 - مؤمن بما يقول، وما يقوله صادر من أعماقه.
2 - هدفه من البحث طلب الحق، وليس التفوق والتعالي.
3 - لا يقصد تحقير الطرف المقابل، وإعلاء شأن نفسه.
4 - ليس له مصلحة شخصية فيما يقول، بل إن ما يقوله نابع من الإخلاص.
5 - يكن الاحترام للطرف المقابل، لذا فهو يستخدم الأدب والرقة في تعبيراته.
6 - لا يريد إثارة العناد لدى الطرف المقابل، ويكتفي من البحث في موضوع بالمقدار الكافي، دون الإصرار على إثبات أن الحق إلى جانبه. ليعرض حديثه.
7 - منصف، لا يفرط بالإنصاف أبدا، حتى وإن لم يراع الطرف المقابل هذه الأصول.
8 - لا يقصد تحميل الآخرين أفكاره، بل يرغب في إيجاد الدافع لدى الآخرين حتى يوصلهم إلى الحقيقة بمنتهى الحرية.
الدقة المتناهية في هذه الآيات، وأسلوب تعامل الرسول (صلى الله عليه وآله) - بأمر الله - مع المخالفين، المقترن بكثير من اللفتات الجميلة، تعتبر دليلا حيا على ما ذكرناه. فهو أحيانا يصل إلى حد لا يشير بدقة إلى المهتدي أو المضل في أحد الفريقين، بل يقول: وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين حتى يثير في الذهن التساؤل عن علامات الهدى أو الضلال في أي الفريقين.
أو يقول: قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق.
طبعا لا يمكن إنكار أن كل ذلك بالنسبة إلى الأشخاص المؤمل اهتداؤهم، وإلا فإن القرآن يتعامل مع الأعداء المعاندين والظلمة القساة الذين لا يؤمل منهم القبول بذلك بطريقة أخرى. أسلوب محاورات الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) مع