سليمان (عليه السلام) يقول تعالى: ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر (1).
الملفت هنا أن الله تبارك وتعالى حينما سخر للأب جسما خشنا وصلبا جدا وهو الحديد، نرى أنه قد سخر للابن موجودا لطيفا للغاية، ولكن العملين كانا نافعين وإعجازيين، جسم صلب يلين لداود، وأمواج الهواء اللطيفة تجعل محكمة وفعالة لسليمان!!
ولطافة الريح لا تمنع من أدائه أعمال هامة، فمن الرياح ما يحرك السفن الكبيرة على ظهر المحيطات، ومنها ما يدير أحجار الطاحونات الهوائية الثقيلة، ومنها ما يرفع البالونات إلى عنان السماء ويحركها كالطائرات.
نعم، هذا الجسم اللطيف بهذه القدرة الإيجابية سخر لسليمان.
أما كيف تحمل الريح مقعد سليمان، (سواء أكانت كرسيا أم بساطا)؟ فليس بواضح لنا. والقدر المتيقن هو أن لا شئ يمثل مشكلة أو عقبة أمام قدرة الله، لقد استطاع الإنسان بقدرته - الحقيرة أمام قدرة الله - أن يحرك البالونات والطائرات التي تحمل مئات بل آلاف المسافرين والأحمال الأخرى في عنان السماء، فهل أن تحريك بساط سليمان بواسطة الريح يشكل أدنى مشكلة للباري جلت قدرته!؟
ما هي العوامل التي تحفظ سليمان ووسيلة نقله من السقوط أو من ضغط الهواء والمشكلات الأخرى الناشئة من الحركة في السماء؟ هذه أيضا من المسائل التي خفيت عنا تفصيلاتها. ولكن ما نعلمه أن تأريخ الأنبياء حافل بخوارق العادة والتي - مع الأسف - امتزجت نتيجة جهود بعض الجهلة أو أعداء المعرفة بالخرافات حتى أضحت الصورة الحقيقية لهذه الأمور مشوشة وقبيحة، ونحن