ومن هنا يتضح جواب السؤال الثالث أيضا، بأن هذه الموجودات لماذا وكيف رفضت وأبت حمل هذه الأمانة العظمى، وأظهرت إشفاقها من ذلك؟
ومن هنا تتضح كيفية حمل الإنسان لهذه الأمانة الإلهية، لأن الإنسان كان قد خلق بشكل يستطيع معه تحمل المسؤولية والقيام بها، وأن يتقبل ولاية الله، ويسير في طريق العبودية والكمال ويتجه نحو المعبود الدائم، وأن يطوي هذا الطريق بقدمه وإرادته، وبالاستعانة بربه.
أما ما ورد في روايات عديدة وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) من تفسير هذه الأمانة بقبول ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وولده، فمن أجل أن ولاية الأنبياء والأئمة نور ساطع من تلك الولاية الإلهية الكلية، والوصول إلى مقام العبودية، وطي طريق التكامل لا يمكن أن يتم من دون قبول ولاية أولياء الله.
جاء في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه سئل عن تفسير آية عرض الأمانة، فقال: " الأمانة الولاية، من ادعاها بغير حق كفر " (1).
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال عندما سئل عن تفسير هذه الآية: " الأمانة الولاية، والإنسان هو أبو الشرور المنافق " (2).
والمسألة الأخرى التي يلزم ذكرها هنا، هي أننا قلنا في ذيل الآية (172) من سورة الأعراف فيما يتعلق بعالم الذر بأن أخذ ميثاق الله على التوحيد كان عن طريق الفطرة، واستعداد وطبيعة الآدمي، وإن عالم الذر هو عالم الاستعداد والفطرة.
وفي مورد قبول الأمانة الإلهية يجب القول بأن هذا القبول لم يكن قبول اتفاق وعقد، بل كان قبولا تكوينيا حسب عالم الاستعداد.
السؤال الوحيد الذي يبقى هو مسألة كون الإنسان " ظلوما جهولا "، فهل أن