إن التوجه إلى هكذا معبود عظيم يبعث على الإحساس الدائم بحضوره بين يديه تعالى، وهذا الإحساس يؤدي إلى زيادة الفاصلة كثيرا بين الإنسان وبين الذنب والمعصية.
ذكر الله يعني تذكر مراقبته.. ذكر حسابه وجزائه.. ذكر محكمته العادلة.. نعيمه وجحيمه.. وهذا هو الذكر الذي يصفي الروح، ويغمر القلب نورا وحيوية.
لهذا ورد في الروايات الإسلامية أن لكل شئ حدا، إلا ذكر الله فإنه لا حد له!
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في الرواية التي وردت في أصول الكافي: " ما من شئ إلا وله حد ينتهي إليه، إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه ".
ثم يضيف: " فرض الله عز وجل الفرائض، فمن أداهن فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو، والحج فمن حج حده، إلا الذكر، فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل، ولم يجعل له حدا ينتهي إليه، ثم تلا: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا " (1).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) في ذيل هذه الرواية، " وكان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله، وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله ".
وأخيرا ينتهي هذا الحديث الغني المحتوى بهذه الجملة: " والبيت الذي يقرأ فيه القرآن، ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضئ لأهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لأهل الأرض " (2).
إن هذا الموضوع من الأهمية بمكان بحيث عد " ذكر الله " في حديث يعدل خير الدنيا والآخرة، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " من أعطي لسانا ذاكرا فقد