إن " الذكر الكثير " - بالمعنى الواقعي للكلمة - يعني التوجه إلى الله سبحانه بكل الوجود، لا بلقلقة اللسان وحسب.
" الذكر الكثير " هو الذي يقذف النور في كل أعمال الإنسان، ويغمرها بالضياء، ولهذا فإن القرآن أمر كل المؤمنين في هذه الآية أن يذكروا الله على كل حال:
فاذكروه أثناء العبادة، فاحضروا قلوبكم وأخلصوا فيها.
واذكروه عند إقدامكم على المعصية وتجنبوها وإذا ما بدرت منكم عثرة وهفوة فبادروا إلى التوبة، وارجعوا إلى طريق الحق.
واذكروه عند النعم واشكروه عليها.
واذكروه عند البلايا والمصائب واصبروا عليها وتحملوها.
والخلاصة: لا تنسوا ذكره في كل مشهد من مشاهد الحياة والابتعاد عن سخطه، والتقرب لما يجلب رضاه.
ونطالع في حديث مروي في " سنن الترمذي " و " مسند أحمد " عن أبي سعيد الخدري عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): أنه سئل: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ فقال: " الذاكرون الله كثيرا ".
قال أبو سعيد: فقلت: يا رسول الله، ومن الغازي في سبيل الله؟! قال: " لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون أفضل درجة منه " (1)، وذلك لأن الجهاد المخلص لا يمكن أن يتم بدون ذكر الله الكثير.
ومن هنا يعلم أن للذكر الكثير معنى واسعا، وإذا ما فسر في بعض الروايات بتسبيح فاطمة (عليها السلام) - وهو 34 مرة (الله أكبر) و 33 مرة (الحمد لله) و 33 مرة (سبحان الله) - وفي كلمات بعض المفسرين بذكر الصفات العليا والأسماء الحسنى، وتنزيه الله سبحانه عما لا يليق به، فإن كل ذلك من باب ذكر المصداق الواضح، لا تحديد