إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان قد قرر أن يتخذ " زينب " زوجة له إذا ما فشل الصلح بين الزوجين ووصل أمرهم إلى الطلاق لجبران هذه النكسة الروحية التي نزلت بابنة عمته زينب من جراء طلاقها من عبده المعتق، إلا أنه كان قلقا وخائفا من أن يعيبه الناس ويثير مخالفيه ضجة وضوضاء، من جهتين:
الأولى: أن زيدا كان ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتبني، وكان الابن المتبنى - طبقا لسنة جاهلية - يتمتع بكل أحكام الابن الحقيقي، ومن جملتها أنهم كانوا يعتقدون حرمة الزواج من زوجة الابن المتبنى المطلقة.
والاخرى: هي كيف يمكن للنبي (صلى الله عليه وآله) أن يتزوج مطلقة عبده المعتق وهو في تلك المنزلة الرفيعة والمكانة السامية؟
ويظهر من بعض الروايات أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد صمم على أن يقدم على هذا الأمر بأمر الله سبحانه رغم كل الملابسات والظروف، وفي الجزء التالي من الآية قرينة على هذا المعنى.
بناء على هذا، فإن هذه المسألة كانت مسألة أخلاقية وإنسانية، وكذلك كانت وسيلة مؤثرة لكسر سنتين جاهليتين خاطئتين، وهما: الاقتران بمطلقة الابن المتبنى، والزواج من مطلقة عبد معتق.
من المسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) لا ينبغي أن يخاف الناس في مثل هذه المسائل، ولا يدع للضعف والتزلزل والخشية من تأليب الأعداء وشايعاتهم إلى نفسه سبيلا، إلا أن من الطبيعي أن يبتلى الإنسان بالخوف والتردد في مثل هذه المواقف، خاصة وأن أساس هذه المسائل كان اختيار الزوجة، وأنه كان من الممكن أن تؤثر هذه الأقاويل والضجيج على انتشار أهدافه المقدسة وتوسع الإسلام، وبالتالي ستؤثر على ضعفاء الإيمان، وتغرس في قلوبهم الشك والتردد.
لهذا تقول الآية في متابعة المسألة: إن زيد لما أنهى حاجته منها وطلقها زوجناها لك: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين