فجوابهم كاشف عن انحطاطهم الفكري والسقوط الأخلاقي البعيد!.
أجل.. إن الطهارة تعد عيبا ونقصا في المحيط الموبوء، وينبغي أن يلقى أمثال يوسف المتعفف في السجن، وأن يطرد آل لوط نبي الله العظيم ويبعدوا - لأنهم يتطهرون - خارج المدينة، وأن يبقى أمثال " زليخا " أحرارا أولي مقام...
كما ينبغي أن يتمتع قوم لوط في مدينتهم دون حرج!.
وهذا هو المصداق الجلي لكلام القرآن في الضالين، إذ يقول: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة بسبب أعمالهم السيئة المخزية.
ويحتمل في جملة إنهم أناس يتطهرون أن قوم لوط لانحرافهم وغرقهم في الفساد، وتطبعهم وتعودهم على التلوث، كانوا يقولون مثل هذا الكلام من باب السخرية والاستهزاء.. أي إنهم يتصورون أن أعمالنا قبيحة وغير طاهرة! وأن تقواهم من التطهر، فما أعجب هذا الكلام! إنه لمهزلة!.
وليس هذا غريبا أن يتبدل إحساس الإنسان - نتيجة تطبعه بعمل قبيح - فيتغير سلوكه ونظرته.. فقد سمعنا بقصة الدباغ المعروفة، إذ ورد أن رجلا كان يدبغ الجلود المتعفنة دائما، وتطبعت " شامته " برائحة الجلود " العفنة " فمر ذات يوم في سوق العطارين، فاضطرب حاله وأغمي عليه، لأن العطور لا تناسب " شامته " فأمر رجل حكيم أن يؤخذ إلى سوق الدباغين لانقاذه من الموت...
فهذا مثال حسي طريف لهذا الموضوع المنطقي.
جاء في الروايات أن لوطا كان يبلغ قومه حوالي ثلاثين عاما وينصحهم، إلا أنه لم يؤمن به إلا أسرته وأهله باستثناء زوجته فإنها كانت من المشركين وعلى عقيدتهم (1).
بديهي أن مثل هؤلاء القوم لا أمل في إصلاحهم في عالم الدنيا، فينبغي أن يطوى " طومار " حياتهم، لذلك تقول الآية التالية في هذا الشأن فأنجيناه وأهله