تحتاج إلى الراحة والدعة، وذلك لتجديد قوتها وتهيئة الاستعداد اللازم لإدامة العمل والفعالية، الراحة التي لابد منها حتى لأولئك الأفراد الحريصين والجادين.
فأي شئ يتصور أحسن من النوم للوصول إلى هذا الهدف، وهو يأتيه بشكل إلزامي، ويدعوه إلى تعطيل نشاطه الجسماني، وقسم مهم من نشاطه الفكري والذهني، بينما تستمر أجهزة خاصة في العمل في جسم الإنسان كالقلب الرئة وبعض النشاط الذهني، وما إلى ذلك مما يستلزمه استمرار الحياة في الإنسان فحسب، أما البقية فتهدأ وتتعطل عن العمل.
هذه الموهبة العظيمة تؤدي إلى أن يحصل جسم الإنسان وروحه على الراحة اللازمة، فيرتفع التعب بطرو النوم الذي بمثابة وقفة لعمل البدن، ونوع من التعطيل له. ويجد الإنسان على أثرها قوة ونشاطا جديدا في حياته.
ومن المسلم به أنه لولا النوم لتصدعت روح الانسان وذبل جسمه وأنهار بسرعة، ولعجل عليه العجز والشيخوخة... وبهذا فإن النوم المناسب والهادئ مدعاة للسلامة وطول العمر، ودوام " الشباب " ونشاطه.
ومما يجدر التنبيه عليه أولا: أن النوم ورد قبل عبارة ابتغاؤكم من فضله التي تعني السعي وراء الرزق، وهذا التعبير هو إشارة إلى أن النوم أساس السعي لأنه - من دون النوم الكافي - يصعب الإبتغاء من فضل الله.
ثانيا: صحيح أن النوم يقع في الليل، والابتغاء من فضل الله في النهار، إلا أنه ليس صعبا على الإنسان أن يغير هذا المنهج إذا اقتضت الضرورة. بل الله خلق الإنسان بصورة يستطيع معها تغيير منهجية النوم، ويجعلها وفقا للضرورات والحاجات، فكأن التعبير منامكم بالليل والنهار إشارة إلى هذه " اللطيفة " الدقيقة.
ولا شك أن المنهج الأصل للنوم متعلق بالليل، ولأن الليل هادئ بسبب الظلمة، فله أولوية خاصة في هذا المورد.