واحد، فإن أسلوب حياتهم يضطرب في ذلك اليوم، إذ لا يعرف الأب والابن والزوج من الغرباء، ولا يميز المجرم من البرئ، ولا الدائن من المدين، ولا الآمر من المأمور، ولا الرئيس من المرؤوس، ولا الضيف من المضيف ولا العدو من الصديق، وأي ارباك عجيب كان سيحدث لو كانوا على هذه الشاكلة!.
وعلى سبيل الاتفاق قد تحدث هذه المسألة بين الإخوة التوائم، أو الشقيقين التوأمين المتشابهين من جميع الوجوه، وكم تحدث من المشاكل بين الناس وبينهم، وقد سمعنا ذات مرة أن امرأة كان لديها توأمان متشابهان تماما، وكان أحدهما مريضا، فأعطت الدواء لمعافى دون السقيم!!.
لذلك خلق الله الأصوات والألوان لتنظيم المجتمع البشري، على حد تعبير " الرازي " في تفسيره في ذيل الآية محل البحث: إن معرفة الإنسان للإنسان تحصل إما عن طريق العين أو الأذن، فخلق الله الألوان والصور والأشكال المختلفة لتعرفها العين وتشخصها، وأوجد اختلاف الأصوات لتشخصها الأذن، حتى أنه لا يمكن العثور في جميع العالم على انسانين متشابهين في الوجه والصوت معا، أي إن وجه الإنسان الذي هو عضو صغير، وصوته الذي هو موضوع بسيط، بقدرة الله جاءا على مليارات الأشكال والأصوات المختلفة، وما ذلك الاختلاف إلا من آيات عظمة الله.
كما يحتمل أن المراد باختلاف الألسنة كما أشار إليه كبار المفسرين هو اختلاف اللغات، من قبيل العربية والفارسية واللغات الأخرى.
ولكن يمكن أن يستفاد من كلمة " اختلاف " معنى واسع بحيث يشمل هذا التفسير وما قبله، وأي تفسير آخر، فهذا التنوع في الخلقة شاهد على عظمة الخالق وقدرته.
يقول " فريد وجدي " في دائرة معارفه، نقلا عن قول " نيوتن " العالم الغربي المعروف (لا تشكوا في الخالق، فإنه مما لا يعقل أن تكون الضرورة وحدها هي