ظل الزواج.
وأما مسألة " المودة والرحمة " فهما في الحقيقة " ملاط " البناء في المجتمع الإنساني، لأن المجتمع يتكون من افراد متفرقين كما أن البناء العظيم يتألف من عدد من الطابوق و " الآجر " أو الأحجار. فلو أن هؤلاء الأفراد المتفرقين اجتمعوا، أو أن تلك الأجزاء المتناثرة وصلت بعضها ببعض، لنشأ من ذلك المجتمع أو البناء حينئذ.
فالذي خلق الإنسان للحياة الاجتماعية جعل في قلبه وروحه هذه الرابطة الضرورية.
والفرق بين " المودة " و " الرحمة " قد يعود إلى الجهات التالية:
1 - المودة هي الباعثة على الارتباط في بداية الأمر بين الزوجين، ولكن في النهاية، وحين يضعف أحد الزوجين فلا يكون قادرا على الخدمة، تأخذ الرحمة مكان المودة وتحل محلها.
2 - المودة تكون بين الكبار الذين يمكن تقديم الخدمة لهم، أما الأطفال والصبيان الصغار، فإنهم يتربون في ظل الرحمة.
3 - المودة، غالبا ما يكون فيها " تقابل بين الطرفين "، فهي بمثابة الفعل ورد الفعل، غير أن الرحمة من جانب واحد لديه إيثار وعطف، لأنه قد لا يحتاج إلى الخدمات المتقابلة أحيانا، فأساس بقاء المجتمع هو " المودة " ولكن قد يحتاج إلى الخدمات بلا عوض، فهو الايثار والرحمة.
وبالطبع فإن الآية تبين المودة والرحمة بين الزوجين، ولكن يحتمل أن يكون التعبير " بينكم " إشارة إلى جميع الناس.. والزوجان مصداق بارز من مصاديق هذا التعبير، لأنه ليست الحياة العائلية وحدها لا تستقيم إلا بهذين الأصلين (المودة والرحمة) بل جميع المجتمع الإنساني قائم على هذين الأصلين وزوالهما من المجتمع - وحتى نقصانهما يؤدي إلى أنواع الارباك والشقاء