فآمن له لوط.
" لوط " نفسه من الأنبياء العظام، وكانت له مع إبراهيم علاقة قربى " يقال إنه كان ابن أخت ابراهيم (عليه السلام) " وحيث أن اتباع شخص عظيم - لإبراهيم - بمنزلة أفراد أمة كاملة فقد تحدث سبحانه - خاصة - عن إيمان " لوط " وشخصيته الكبرى المعاصرة لإبراهيم (عليه السلام)، ليتضح أنه إذ لم يؤمن الآخرون، فإن ذلك ليس مهما.
ويبدوا أنه كانت في أرض بابل قلوب مهيأة لقبول دعوة إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وقد التفوا حوله بعد مشاهدة تلك المعجزة العظيمة، غير أنه من المسلم به أنهم كانوا " أقلية ".
ثم تضيف الآية عن هجرة إبراهيم (عليه السلام) فتقول: وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم.
ومن الوضوح بمكان أنه حين يؤدي القادة الإلهيون رسالتهم في محيط ما، ويكون هذا المحيط ملوثا وتحت تأثير الجبابرة، بحيث لا تتقدم دعوتهم أكثر، فينبغي أن يهاجروا إلى منطقة أخرى لتتسع دعوة الله في الأرض!.
فلذلك تحرك ابراهيم (عليه السلام) وزوجه سارة - بمعية لوط - من بابل إلى أرض الشام مهد الأنبياء والتوحيد، ليستطيع أن يكتسب جماعة هناك ويوسع دعوة التوحيد!.
من الطريف أن إبراهيم (عليه السلام) يقول في هذا الصدد: إني مهاجر إلى ربي لأن ذلك الطريق كان طريق الله، طريق رضاه، وطريق دينه ومنهاجه.
وبالطبع فإن بعض المفسرين احتمل أن يكون الضمير في قوله تعالى: وقال إني مهاجر عائد على لوط (عليه السلام)، أي إن لوطا قال: إني مهاجر إلى ربي، وظاهر الجملة منسجم مع هذا المعنى أيضا، إلا أن الشواهد التاريخية تدل على أن الضمير يعود على إبراهيم (عليه السلام)، وكانت هجرة لوط بمعية إبراهيم.