ويستفاد من هذا التعبير أن جماعة كانوا يميلون إلى حرق إبراهيم بالنار، في حين كانت جماعة أخرى تقترح أن يقتل بالسيف أو ما شاكله!
وأخيرا رجح الرأي الأول، لأنهم كانوا يعتقدون أن أشد حالات الإعدام هو الاحراق بالنار.
كما ويحتمل أيضا أنهم جميعا كانوا يفكرون في قتله بالوسائل الطبيعية، غير أنهم اتفقوا أخيرا على إحراقه بالنار، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في هذا الأمر.
وفي هذه الآية الكريمة لم يرد كلام عن كيفية إحراق إبراهيم (عليه السلام) بالنار سوى هذا المقدار الذي استكملت به الآية الكريمة، وهو فأنجاه الله من النار.
غير أن تفصيل ما جرى عليه من الإحراق ورد في سورة الأنبياء (الآيات 68 - 70) وقد بينا ذلك هناك، فلا بأس بمراجعته!
ويضيف القرآن في الختام إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون.
ولم تكن علامة وآية واحدة في هذا الصدد وفي هذه الحادثة، بل علائم وآيات... فمن جانب فإن عدم تأثير النار في جسد إبراهيم بنفسه معجزة واضحة، وتبدل النار إلى روضة و " سلام " على إبراهيم كما هو معروف معجزة أخرى، وعدم استطاعة هذه الجماعة القوية التغلب على شخص واحد - وهو أعزل من كل وسيلة بحسب الظاهر - كان معجزة ثالثة أيضا.
كما أن عدم تأثير هذا الحادث العجيب الخارق للعادة في أولئك المظلمة قلوبهم، آية من آيات الله، إذ يسلب التوفيق من أمثال هؤلاء الأفراد المعاندين الألداء، بحيث لا تؤثر فيهم أعظم الآيات!.
وقد ورد في بعض الروايات أنه لما القي بإبراهيم الخليل مكتوف اليدين والرجلين في النار، فإن الشئ الوحيد الذي احترق منه هو الحبل الذي كان مشدودا وموثقا به (1).