فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين...
فلم يخلصه أصدقاؤه، ولا الذين كانوا يحملون أمتعته ولا أمواله ولا أي أحد من عذاب الله، ومضى قارون وأمواله ومن معه في قعر الأرض!
أما آخر آية - محل البحث - فتحكى عن التبدل العجيب لأولئك الذين كانوا يتفرجون على استعراض قارون بالأمس ويقولون: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون، وما شابه ذلك!. وإذا هم اليوم يقولون: واها له، فإن الرزق بيد الله فأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الزرق لمن يشاء من عباده ويقدر.
لقد ثبت عندنا اليوم أن ليس لأحد شئ من عنده! فكل ما هو موجود فمن الله، فلا عطاؤه دليل على رضاه عن العبد، ولا منعه دليل على تفاهة عبده عنده!.
فالله تعالى يمتحن بهذه الأموال والثروة عباده أفرادا وأقواما، ويكشف سريرتهم ونياتهم.
ثم أخذوا يفكرون في ما لو أجيب دعاؤهم الذي كانوا يصرون عليه، وأعطاهم الله هذا المال، ثم هووا كما هوى قارون، فماذا يكون قد نفعهم المال؟
لذلك شكروا الله على هذه النعمة وقالوا: لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون.
فالآن نرى الحقيقة بأعيننا، وعاقبة الغرور والغفلة ونهاية الكفر والشهوة!.
ونعرف أن أمثال هذه الحياة المثيرة للقلوب بمظاهرها الخداعة، ما أوحشها! وما أسوأ عاقبتها!.
ويتضح من الجملة الأخيرة في هذه القصة - ضمنا - أن قارون المغرور مات كافرا غير مؤمن، بالرغم من أنه كان يعد عارفا بالتوراة قارئا لها، وعالما من بني إسرائيل ومن أقارب موسى.
* * *