وقال آخرون: إن أصحاب هذا القول هم المجرمون، يقولونه بعضهم لبعض، ولكن الظاهر هو المعنى الأول، حيث اختاره كثير من المفسرين، أو ذكروه كأول تفسير لذلك. (1) أما أي يوم ذلك اليوم الذي يلتقي فيه المجرمون بالملائكة؟ فقد ذكر المفسرون احتمالين: أحدهما: هو يوم الموت حيث يرى الإنسان ملك الموت، كما نقرأ في الآية (93) من سورة الأنعام: ولو ترى إذا الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم. والثاني: أن المقصود هو يوم القيامة والنشور، حيث يكون المجرمون أمام ملائكة العذاب فيشاهدونهم.
ومع الانتباه إلى الآيات الآتية التي تتكلم عن النشور، خصوصا جملة يومئذ التي تشير إليه، يتبين أن التفسير الثاني هو الأقرب.
الآية التي بعدها تجسد مصير أعمال هؤلاء المجرمين في الآخرة، فتقول:
وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا.
كلمة " العمل " على ما قاله " الراغب " في المفردات بمعنى: كل فعل يكون بقصد، ولكن الفعل أعم منه، فهو يطلق على الأفعال التي تكون بقصد أو بغير قصد. (2) جملة " قدمنا " من " القدوم " بمعنى " المجئ " أو " الذهاب على أثر شئ " وهي هنا دليل على تأكيد وجدية المسألة، يعني مسلما وبشكل قاطع أن جميع أعمال أولئك التي قاموا بها عن قصد وإرادة - وإن كانت أعمال خير ظاهرا -