ومن جهة أخرى، فإن هؤلاء الأفراد يميلون إلى التحرر من كل القيود التي تعيقهم في ملذاتهم من قبيل الحلال والحرام، والمشروع واللا مشروع وتمنعهم من الوصول إلى أهدافهم، ولهذا فهم لا يريدون أن يخضعوا أمام القوانين والمقررات الدينية، ولا أن يقبلوا بيوم الحساب والجزاء.
وهكذا نجد أن أتباع دين الله وتعليمات الأنبياء قليل في أوساط المرفهين دائما ولكن المستضعفين هم الأتباع الصامدون والمحبون الأوفياء للدين والمذهب.
إن هذا الكلام له استثناءات في كلا الطرفين قطعا، ولكن أكثرية كل من الفريقين هم كما قلنا.
ومما تتضمنه الآية أعلاه، أنها لم تركز على رفاهية حياتهم فقط، بل ركزت على رفاهية حياة آبائهم أيضا، ذلك لأن الإنسان حينما ينشأ على الدلال والنعمة فإنه سوف يرى فارقا وامتيازا بينه وبين الآخرين، ولن يكون مستعدا لفقد المنافع المادية والحياة المرفهة بسهولة.
في حين أن التقيد بأمر الله، وبتعاليم الدين تحتاج إلى الإيثار، وأحيانا إلى الهجرة، وتحتاج حتى إلى الجهاد والشهادة، وأحيانا إلى التعاطي مع أنواع المحروميات، وعدم التسليم للعدو، وهذه الأمور نادرا ما تتوافق مع مزاج المرفهين، إلا إذا كانت نفوسهم أرفع من حياتهم المادية، فإذا توفرت يوما ما شكروا الله، وإلا فلن يتزلزلوا ولن ينزعجوا، وبعبارة أخرى: إنهم حاكمون على حياتهم المادية غير محكومين لها، أمراء عليها لا أسارى عندها.
ويستفاد أيضا من التوضيح أن المقصود من قوله تعالى نسوا الذكر نسيان ذكر الله، حيث ورد مكان ذلك في الآية (19) من سورة الحشر ولا تكونوا كالذين نسوا الله أو نسيان يوم القيامة ومحكمة العدل الإلهي، كما جاء في الآية (26) سورة ص لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب أو نسيان