شديد ودائم لا يزول.
ولعل الفرق بين " مستقرا " و " مقاما " أن جهنم مكان دائم للكافرين فهي لهم " مقام "، ومكان مؤقت للمؤمنين، أي " مستقر "، وبهذا الترتيب يكون قد أشير إلى كلا الفريقين الذين يردان جهنم.
ومن الواضح أن جهنم محل إقامة ومستقر سئ، وشتان بين الراحة والنعيم وبين النيران الحارقة.
ومن المحتمل أيضا أن تكون " مستقرا " و " مقاما " كلاهما لمعنى واحد، وتأكيد على دوام عقوبات جهنم، وهو صحيح في مقابل الجنة، حيث نقرأ عنها في آخر هذه الآيات نفسها خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما. (1) في الآية الأخيرة يشير جل ذكره إلى الصفة الممتازة الخامسة ل " عباد الرحمن " التي هي الاعتدال والابتعاد عن أي نوع من الإفراط والتفريط في الأفعال، خصوصا في مسألة الإنفاق، فيقول تعالى: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
الملفت للانتباه أنه يعتبر أصل الإنفاق أمرا مسلما لا يحتاج إلى ذكر، ذلك لأن الإنفاق أحد الأعمال الضرورية لكل إنسان، لذا يورد الكلام في كيفية إنفاقهم فيقول: إن إنفاقهم إنفاق عادل (معتدل) بعيد عن أي إسراف وبخل، فلا يبذلون بحيث تبقى أزواجهم وأولادهم جياعا، ولا يقترون بحيث لا يستفيد الآخرون من مواهبهم وعطاياهم.
في تفسير " الإسراف " و " الإقتار " كنقطتين متقابلتين، للمفسرين أقوال مختلفة يرجع جميعها إلى أمر واحد، وهو أن " الإسراف " هو أن ينفق المسلم أكثر من الحد، وفي غير حق، وبلا داع، و " الإقتار " هو أن ينفق أقل من الواجب.