هذه إشارة إلى البدو الرحل وساكني الخيام الذين ليس لديهم ماء مطلقا سوى ماء المطر حيث يستفيدون منه مباشرة، هذه النعمة الكبيرة محسوسة لديهم أكثر فحينما تظهر السحب في السماء ويمطل عليهم المطر، وتمتلئ الأراضي المنخفضة من ماء المطر الزلال، فيرتوون منه ويسقون انعامهم، ويشعرون بنشاط الحياة يدب في وجودهم ووجود أنعامهم.
2 - جملة " نسقيه " من مادة " إسقاء " وفرقها عن " سقى " كما قال الراغب في المفردات وآخرون من المفسرين، هو أن الإسقاء بمعنى تهيئة الماء وجعله للسقاية، ليشرب منه الإنسان متى أراد، في حين أن مادة " سقى " بمعنى أن يعطى من يريد الماء حتى يشرب، وبعبارة أخرى فإن الإسقاء له معنى أوسع وأعم.
3 - في هذه الآية، ورد الكلام أولا عن الأراضي الميتة، ثم الأنعام ثم الأناسي، وهذا التعبير ربما كان لأن الأراضي إذا لم تحي بالمطر، فلن يكون للأنعام طعام، وإذا لم تعش الأنعام، فلن يستطيع الإنسان إن يتغذى منها.
4 - طرح مسألة الإحياء بالماء بعد مسألة التطهير، قد يكون إشارة إلى الارتباط الوثيق بين هاتين المسألتين (حول آثار الإحياء بالماء، ثمة بحث مفصل في ذيل الآية 30 سورة الأنبياء).
في الآية الأخيرة - مورد البحث - يشير تعالى إلى القرآن فيقول: جعلنا هذه الآيات بينهم بصور مختلفة ومؤثرة ليتذكروا وليتعرفوا من خلاله على قدرة الخالق، لكن كثيرا من الناس لم يتخذوا موقفا إزاء ذلك إلا الإنكار والكفران:
ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا.
وإن أرجع كثير من المفسرين مثل العلامة الطبرسي في تفسيره، والشيخ الطوسي في تفسير التبيان، والعلامة الطباطبائي في تفسير الميزان وآخرين، الضمير في جملة " صرفناه " إلى المطر، حيث يكون مفهومها هكذا: أنزلنا المطر في جهات ومناطق مختلفة من الأرض، ووزعناه بين الناس ليتذكروا هذه النعمة