قد ادعوا هذا بالنسبة إلى الأصنام الحجرية والخشبية، لأنهم - كما ورد في قصة إبراهيم - كانوا على يقين بأن الأصنام لا تتكلم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون (1).
في حين أننا نقرأ مثلا بالنسبة إلى المسيح (عليه السلام) في الآية (116) من سورة المائدة: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟!
ومن المسلم أن ادعاء المشركين وعبدة الأصنام كان واهيا وبلا أساس، فأولئك لم يدعوهم إلى عبادة أنفسهم.
الملفت هو أن المعبودين لم يقولوا في الجواب: إلهنا، ما دعوناهم إلى عبادة أنفسنا، بل يقولون: نحن ما اتخذنا لأنفسنا غيرك معبودا، يعني في الوقت الذي نحن نعبدك وحدك، فمن الأولى أننا لم ندعهم إلى أحد غيرك، خاصة وأن هذا الكلام يقترن مع سبحانك ومع ما كان ينبغي لنا التي تكشف عن غاية أدبهم، وتأكيدهم على التوحيد.
3 - 2 - دافع الانحراف عن أصل التوحيد المهم هو أن المعبودين يعدون العامل الأصلي لانحراف هذا الفريق من المشركين هو (الحياة المرفهة) لهم، ويقولون، إلهنا، متعت هؤلاء وآباءهم من نعم هذه الحياة، وهذا هو بالذات كان سبب نسيانهم، فبدلا من أن يعرفوا واهب هذه النعم فيشكرونه ويطيعونه، توغلوا في دوامة الغفلة والغرور.
فالحياة المرفهة لجماعة ضيقة الأفق، ضعيفة الإيمان، تبعث على الغرور من جهة، ذلك لأنهم في الوقت الذي ينالون النعم الكثيرة، ينسون أنفسهم وينسون الله، حتى أن فرعون كان يطبل أحيانا (أنا الله).