هذه الآية - في الحقيقة - رد على طلبات المشركين، وعلى إحدى ذرائعهم، لأنهم كانوا يتوقعون أن يأتي الله والملائكة - طبقا لأساطيرهم وخرافاتهم من خلال الغيم، فيدعونهم إلى الحق، وفي أساطير اليهود جاء - أيضا - أن الله أحيانا يظهر ما بين الغيوم. (1) يقول القرآن في الرد عليهم: نعم الملائكة (وليس الله) يأتون إليهم يوما ما، لكن أي يوم؟ اليوم الذي تتحقق فيه مجازاة وعقوبة هؤلاء المجرمين، وينهي ادعاءاتهم الباطلة.
ولكن ما هو المقصود من تشقق السماء بالغمام، مع أننا نعلم أن لا وجود حولنا لشئ يسمى السماء، يكون قابلا للتشقق؟
قال بعض المفسرين مثل " العلامة الطباطبائي " في تفسير " الميزان ":
المقصود هو تشقق سماء عالم الشهود، وزوال حجاب الجهل والغباء وظهور عالم الغيب، فيكون للانسان إدراك ورؤية تختلف كثيرا عما هي عليه اليوم، فحينئذ تزول الحجب، فيرون الملائكة وهي تتنزل من العالم الأعلى.
ثمة تفسير آخر، هو أن المقصود من السماء هو الأجرام السماوية التي تتلاشي على أثر انفجارات متوالية، فيملأ الغيم الحاصل من هذه الانفجارات ومن تلاشي الجبال صفحة السماوات، وبناء على هذا فالأفلاك السماوية تتشقق مع الغيوم الحاصلة من ذلك. (2) آيات كثيرة من القرآن المجيد، خصوصا التي وردت في السور القصار آخر القرآن، تبين هذه الحقيقة، حيث تملأ جميع عوالم الوجود تغيرات عظيمة، وانقلاب وتحول عجيب، تتلاشي الجبال وتتناثر في الفضاء كذرات الغبار، الشمس تفقد نورها وكذلك النجوم. ويلتقي الشمس والقمر، وتملأ نواحي الأرض