" العتو " على وزن " غلو "، بمعنى الامتناع عن الطاعة، والتمرد على الأمر، مصحوبا بالعناد واللجاجة.
وتعبير " في أنفسهم " من الممكن أن يكون بمعنى: أن هؤلاء صاروا أسارى الغرور والتكبر في أنفسهم. ومن الممكن أن يكون أيضا بمعنى أنهم أخفوا كبرهم وغرورهم في قلوبهم وأظهروا هذه المعاذير.
في عصرنا وزماننا أيضا، يوجد أشخاص يكررون منطق المشركين الغابرين، فيقولون: ما دمنا لا نرى الله في مختبراتنا، ولا نشاهد الروح تحت مبضع الجراحة، فلن نصدق! بوجودهما ومنبع الاثنين واحد وهوا الاستكبار والعتو.
ومن حيث الأصل، فإن جميع الأشخاص الذين يحصرون وسائل المعرفة في الحس والتجربة فقط، يكررون نفس هذا القول بشكل ضمني، فكل الماديين داخلون في هذا الصنف، في حين أن الحواس لا تدرك إلا جزء ضئيلا لا يذكر من مادة هذا العالم.
ثم يقول تعالى بصيغة التهديد: إن هؤلاء الذين يطلبون أن يروا الملائكة، سوف يرونهم آخر الامر، لكن يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين. (1) بلى سوف لن يسروا برؤية الملائكة في ذلك اليوم، لأنهم سيرون علامات العذاب برؤيتهم الملائكة، وسوف يغمرهم الرعب إلى حد أنهم سيطلقون صرخات الاستغاثة التي كانوا يطلقونها في الدنيا حال الإحساس بالخطر أمام الآخرين، فيقولون: الأمان.. الأمان، اعفوا عنا: ويقولون حجرا محجورا.
ولكن لا هذه الجملة - ولاغيرها - لها أثر على مصيرهم المحتوم، ذلك لأن النار التي هم أوقدوها ستلتهم أطرافهم شاءوا أم أبوا، وستتجسد أمامهم الأعمال