أوصافهم، لكن هذا في الحقيقة ليس وصفا جديدا، بل هو ضمانة تطبيق جميع الصفات السابقة، وإلا فهل يمكن أن نتصور عبادة الخالق، ومواجهة الطغيان والشهوات، وترك شهادة الزور، والتواضع والخشوع وغيرها من الصفات بدون صبر واستقامة.
هذا البيان يذكر الإنسان بالحديث المعروف عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث يقول: " والصبر من الإيمان كالرأس من الجسد " فبقاء الجسد من بقاء الرأس، ذلك لأن قيادة جميع أعضاء البدن تستقر في دماغ الإنسان.
وعلى هذا فللصبر هنا مفهوم واسع، فالتحمل والصمود أمام مشكلات طريق الحق، والجهاد والمواجهة ضد العصاة، والوقوف أمام دواعي الذنوب، تجتمع كلها في ذلك المفهوم، وإذا فسر في بعض الروايات بالصبر على الفقر والحرمان المالي، فمن المسلم أن ذلك من قبيل بيان المصداق.
ثم يضيف تعالى: ويلقون فيها تحية وسلاما.
أهل الجنة يحي بعضهم بعضا، وتسلم الملائكة عليهم، وأعلى من كل ذلك أن الله يحييهم ويسلم عليهم، كما نقرأ في الآية (58) من سورة يس سلام من رب رحيم، ونقرأ في الآية (23 و 24) من سورة يونس والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم....
ترى هل ل " التحية " و " السلام " هنا معنيان، أم معنى واحد!؟ ثمة أقوال بين المفسرين، لكن مع الالتفات إلى أن " التحية " في الأصل بمعنى الدعاء لحياة الغير، و " سلام " من مادة السلامة، وبمعنى الدعاء للغير.
على هذا نستنتج: أن الكلمة الأولى بعنوان طلب الحياة، للمخاطب والكلمة الثانية طلب اقتران هذه الحياة مع السلامة، ولو أن هاتين الكلمتين تأتيان بمعنى واحد أحيانا.