حرموا على أنفسهم لذة النوم، ونهضوا إلى ما هو ألذ من ذلك، حيث ذكر الله والقيام والسجود بين يدي عظمته عز وجل، فيقضون شطرا من الليل في مناجاة المحبوب، فينورون قلوبهم وأرواحهم بذكره وباسمه.
ورغم أن جملة " يبيتون " دليل على أنهم يقضون الليل بالسجود والقيام إلى الصباح، لكن المعلوم أن المقصود هو شطر كبير من الليل، وإن كان المقصود هو كل الليل فإن ذلك يكون في بعض الموارد.
كما أن تقديم " السجود " على " القيام " بسبب أهميته، وإن كان القيام مقدم على السجود عمليا في حال الصلاة. (1) الصفة الرابعة لهم هي الخوف من العذاب الإلهي والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما. أي شديدا ومستديما. إنها ساءت مستقرا ومقاما.
ومع أنهم مشتغلون بذكر الله وعبادته في الليالي، ويقضون النهار في إنجاز تكاليفهم، فإن قلوبهم أيضا مملوءة بالخوف من المسؤوليات، ذلك الخوف الباعث على القوة في الحركة أكثر وأفضل باتجاه أداء التكاليف، ذلك الخوف الذي يوجه الإنسان من داخله كشرطي قوي، فينجز تكاليفه على النحو الأحسن دون أن يكون له آمر ورقيب، في ذات الوقت الذي يرى نفسه مقصرا أمام الله.
كلمة " غرام " في الأصل بمعنى المصيبة، والألم الشديد الذي لا يفارق الانسان. ويطلق " الغريم " (2) على الشخص الدائن، لأنه يلازم الإنسان دائما من أجل أخذ حقه.
ويطلق " الغرام " أيضا على العشق والعلاقة المتوقدة التي تدفع الإنسان بإصرار باتجاه عمل أو شئ آخر، وتطلق هذه الكلمة على " جهنم " لأن عذابها