3 - 2 - الحكومة العادلة هي الحكومة الإلهية فقط:
لاشك في أن الانسان مهما سعى في تهذيب نفسه من الصفات الرذيلة، خاصة الكبر والبغضاء وحب الذات والأنانية، فإنه قد يبتلى ببعضها دون وعي منه، إلا المعصوم من البشر، إذ يعصمه الله من الخطأ والزلل.
ولهذا السبب نقول: الله وحده هو المشرع الحقيقي، لأنه إضافة إلى علمه المطلق بحاجات الإنسان، فإنه يعلم سبل سد هذه الحاجات، وهو الذي لا يزل ولا ينحرف بسبب احتياجه وميول الحب والبغض فيه سبحانه.
وقضاء الله والنبي والإمام المعصوم أفضل قضاء، ويليهم التابعون السائرون على نهجهم المتوكلون على الله، إلا أن البشر الذي يصاب بالكبر وحب الذات لا يرضخ لهذا القضاء، فهو يبحث عن قضاء يشبع طمعه وشهواته. ما أجمل العبارة التي استخدمتها الآية الكريمة بحق هؤلاء أولئك هم الظالمون.
كما أن المرور في مثل هذا الامتحان، خير دليل على إيمان الإنسان أو عدم إيمانه.
ويستوقفنا قول القرآن في موضع آخر فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (1).
أجل، المؤمنون الحقيقيون لا يرتضون قضاءك فحسب، وإنما قد سلموا أنفسهم لك حتى إن لحقهم ضرر.
أما المنافقون، فلا يقنعون بحكم من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا ما يحقق مصالحهم، فهم عبيد لها، وعلى الرغم من ادعائهم الإيمان، فهم مشركون حقا!