يكشف عن شدة تنفر لوط من أعمالهم...
والذي يسترعي النظر أن لوطا يقول: إني لعملكم من القالين. أي إنني لا أعاديكم بأشخاصكم، بل أعادي أعمالكم المخزية، فلو ابتعدتم عن هذا العمل الشنيع فأنا محب لكم وغير قال لكم.
وأخيرا لم تؤثر مواعظ لوط ونصائحه في قومه، فبدل الفساد مجتمعهم كله إلى مستنقع عفن... وتمت الحجة عليهم بمقدار كاف، وبلغت رسالة لوط مرحلتها النهائية... فعليه أن يغادر هذه المنطقة العفنة، وأن ينجي من معه ممن استجاب دعوته، لينزل عذاب الله على القوم الفاسقين فيهلكهم، فسأل لوط ربه أن يخلصه من قومه، فقال: رب نجني وأهلي مما كانوا يعملون.
وبالرغم من أن بعضهم احتمل أن يكون المراد من الأهل من الآية جميع من آمن به... إلا أن الآية (36) من سورة الذاريات تقول: فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين.
ولكن كما أشرنا من قبل - فإن بعض التعابير الواردة في الآيات محل البحث، تشير إلى أن جماعة من المؤمنين به كانوا قد أبعدوا وأخرجوا من القرية...
ويستفاد مما قيل - ضمنا - أن دعاء لوط لأهله لم يكن بسبب العلاقة العاطفية وارتباط النسبي القرابتي، بل لإيمانهم به...
فاستجاب الله دعاؤه كما تقول الآية التالية: فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين. (1) وهذه العجوز لم تكن سوى زوج النبي لوط التي كانت منسجمة مع أفكار قومه الضالين وعقيدتهم، ولم تؤمن بلوط أبدا، ولذلك ابتليت بما أبتلي به قومه من العذاب والهلاك.