انسانا مثله فأت بآية إن كنت من الصادقين لكي نؤمن بك ونتبعك.
كلمة (المسحر) مشتقة من (السحر) ومعناها المسحور، أي المصاب بالسحر، إذ كانوا يعتقدون أن السحرة كانوا عن طريق السحر يعطلون عمل العقل، وهذا القول لم يتهم به النبي صالحا فحسب، بل اتهم به كثير من الأنبياء، حتى أن المشركين اتهموا نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) به فقالوا: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا (1). أجل، إنهم كانوا يرون معيار العقل أن يكون الإنسان متوفقا مع البيئة والمحيط، فيأكل الخبز - مثلا - بسعر يومه، ويطبق نفسه على جميع المفاسد... فلو أن رجلا مصلحا إلهيا دعا الناس للقيام والنهوض بوجه العقائد الفاسدة وإصلاحها، عدوه - بحسب منطقهم - مجنونا " مسحرا ".
وهناك احتمالات أخر في معنى " المسحرين "، صرفنا النظر عنها لعدم مناسبتها...
وعلى كل حال فإن هؤلاء المعاندين من قوم صالح، طلبوا منه معجزة لا من أجل معرفة الحق، بل تذرعا بالحجة الواهية، وعلى نبيهم أن يتم الحجة عليهم، فاستجاب لهم - وبأمر الله - قال: هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم.
و " الناقة " معروفة عند العرب، وهي أنثى الجمل، والقرآن لم يذكر خصائص هذه الناقة التي كان لها حالة إعجازية، إلا أنه ذكرها بنحو الإجمال... لكننا نعرف أنها لم تكن ناقة كسائر النياق الطبيعية، فكما يقول جماعة من المفسرين: كانت هذه الناقة بحالة من الإعجاز بحيث خرجت من قلب الجبل. ومن خصائصها أنها كانت تشرب ماء الحي في يوم، واليوم الآخر لأهل الحي " أو القرية " وهكذا دواليك... كما أشارت الآية آنفة الذكر إلى هذا المعنى، ووردت الإشارة إلى هذا المعنى في الآية (28) من سورة القمر أيضا.