ولا اضمحلال... النعم التي لا يمكن أن نتصورها نحن - سجناء الدنيا - فهي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت!...
وقلنا سابقا: إن التعبير بالإرث في شأن الجنة إما لأن معنى الإرث الحصول على الشئ دون مشقة وعناء، ومن المسلم أن تلك النعم التي في الجنة تقاس بطاعاتنا، فطاعاتنا بالنسبة لا تمثل شيئا إليها!... أو أن ذلك - طبقا لما ورد في بعض الروايات - لأن كل إنسان له بيت في الجنة وآخر في النار، فإذا دخل النار ورث الآخرون بيته في الجنة...
وفي خامس أدعيته يتوجه نظره إلى عمه الضال، وكما وعده أنه سيستغفر له، فإنه يقول في هذا الدعاء: واغفر لأبي إنه كان من الضالين.
وهذا الوعد هو ما صرحت به الآية (114) من سورة التوبة إذ تحكي عنه وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه! وعده من قبل، وكان هدفه أن ينفذ إلى قلبه عن هذا الطريق، وأن يجره إلى طريق الإيمان، لذلك قال له مثل هذا القول وعمل به أيضا... وطبقا لرواية عن ابن عباس أن إبراهيم (عليه السلام) استغفر لعمه آزر مرارا، إلا أنه حين غادر آزر الدنيا كافرا وثبت عداؤه للدين الحق، قطع إبراهيم استغفار عن عمه، كما نرى في ذيل الآية النص التالي: فلما تبين أنه عدو لله تبرأ منه. (1) وأخيرا فإن دعاءه السادس من ربه في شأن يوم التغابن، يوم القيامة، بهذه الصورة ولا تخزني يوم يبعثون.
(ولا تخزني)، مأخوذ من مادة (خزي) على زنة (حزب) وكما يقول الراغب في مفرداته، معناه الذل والإنكسار الروحي الذي يظهر على وجه الإنسان من