لتعوضوا عما فات من الأعمال، وكنتم ترون الأمر لهوا ولعبا في يوم، لكن في اليوم الآخر وجدتموه جديا - وعلى كل حال فإن سنة الله أن لا يعذب قوما حتى يتم عليهم الحجة البالغة...
لكن إذا تمت الحجة، وفسح لهم المجال، ولم يثوبوا إلى رشدهم أنزل عذابه فلا ينفع الابتهال، والرجوع نحو ساحة ذي الجلال.
والآخر أنه أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كان يمتعون.
فعلى فرض أنهم أمهلوا ثانية (ولن يمهلوا بعد إتمام الحجة عليهم) وعلى فرض أن يعمروا سنين طوالا في هذه الدنيا ويغرقوا في بحر الغفلة والغرور، الا يكون عملهم التمتع والتلذذ بالمواهب المادية فحسب. وهل يعوضون عما فاتهم؟!
كلا أبدا.. فمن المسلم أنهم لا يعوضون عما فاتهم. وهل تغني المواهب المادية عنهم شيئا عند نزول العذاب؟ وهل تحل مشكلتهم أو تحدث تغييرا في عاقبتهم؟!
كما يرد هذا الاحتمال في تفسير الآيات الآنفة، وهو أنهم لا يطلبون الإمهال للرجوع نحو الحق والتعويض عما فات، بل يطلبون الإمهال لمزيد التمتع من النعم الزائلة في هذه الدنيا، إلا أن هذا التمتع لا يغني عنهم شيئا، ولا بد أن يرحلوا - إن عاجلا وإن آجلا - من هذه الدار الفانية إلى تلك الدار الباقية، وأن يواجهوا أعمالهم هناك...
وهنا يثار سؤال - وهو أنه مع الالتفات إلى أن الله بمستقبل كل قوم وجماعة، فما الحاجة إلى الإمهال؟
ثم أن الأمم السالفة كذبت أنبياءها واحدا بعد الآخر، وبمقتضى قوله تعالى:
وما كان أكثرهم مؤمنين الوارد في نهاية تلك القصص إن أكثرهم لم يؤمنوا، فعلام يأتي الأنبياء منذرين ومبشرين؟!
فالقرآن يجيب على هذا السؤال بأن ذلك سنة الله وما أهلكنا من قرية إلا