نظير هذا التعبير ورد أيضا في الآية (172) من سورة الأعراف في أهل النار الذين يؤولون إلى هذا المصير نتيجة عدم الاستفادة من السمع والبصر والعقل، يقول تعالى: أولئك كالأنعام بل هم أضل.
(أضل) وإن كانت واضحة إجمالا، لكن المفسرين قدموا بحوثا جيدة في هذه المسألة، وهي - مع تحليل وإضافات:
1 - إذا لم تفهم الأنعام شيئا، وليس لها أذن سامعة وعين باصرة، فذلك لعدم استعدادها الذاتي، لكن الأعجز منها الإنسان الذي تكمن في وجوده خميرة جميع السعادات، والذي أفاض الله عليه قدرا عظيما من الاستعدادات ليستطيع أن يكون خليفة الله في الأرض، ولكن أفعاله الذميمة بلغت به حدا أسقطته عن مستوى الأنعام، وأذهبت كل لياقاته هدرا، وهوى من رتبة مسجود الملائكة إلى حضيض الشياطين الذليلة. وهذا هو الأضل والمؤلم حقا.
2 - الأنعام غير مسؤولة تقريبا، وليست مشمولة بالجزاء الإلهي، في حين أن البشر الضالين يجب عليهم أن يحملوا عب ء كل أعمالهم على عواتقهم، ليروا جزاء أعمالهم بلا نقص أو زيادة.
3 - تؤدي الأنعام للإنسان خدمات كثيرة، وتنجز له أعمالا مختلفة، أما طغاة البشر العصاة فلا تتأتى منهم أية منفعة، بل يسببون آلافا من البلاءات والمصائب.
4 - الأنعام لا خطر منها على أحد، فإذا كان ثمة خطر منها، فخطر محدود، لكن الويل من الإنسان غير المؤمن، والمستكبر، عابد الهوى، الذي يؤجج أحيانا نار حرب يذهب ضحيتها الملايين من الناس.
5 - إذا لم يكن للأنعام قانون ومنهج، فإنها تتبع مسارا عينه الله لها على شكل غرائز، فهي تتحرك على ذلك الخط. أما الإنسان المتمرد، فلا يعترف بقوانين تكوينية ولا قوانين تشريعية، ويعتبر هواه وشهواته حاكما على كل شئ.