كما نقرأ في روايات كتاب النكاح، كيف كان أصحاب الإمام يستفسرون منه أحيانا عن الزواج بالخبيثات فيجيبهم سلبا. وهذا يدل على أن الخبيثة تعني المرأة الساقطة، وليس الكلام السئ ولا العمل المنحط (1).
والسؤال الآخر: هل أن خبث هذه المجموعة من النساء والرجال أو طيبهم يراد به الشرف والعفة، أو يتعلق بانحطاط في الفكر أو العمل أو القول؟
إن المفهوم الأول للآية هو الأصوب، لأنه يطابق ما جاء في الآيات والأحاديث، لكن بعض الأحاديث يعطي معنى واسعا لكلمتي الخبيث والطيب اللتين وردتا في هذه الآيات، ولا يحصرهما بالانحطاط الخلقي وطهارة الشخص.
وعلى هذا فلا يبعد أن يكون مفهوم الآية الأولى خاصا بذلك المعنى الخاص، إلا أنه بملاحظة الملاك والغاية من الحكم يمكن تعميمه وتوسعته.
وبتعبير آخر: إن الآية السابقة بيان لميل الصنو إلى صنوه، رغم اختصاصها من حيث الموضوع يبحث العفة والانحطاط الخلقي، " تأملوا جيدا ".
3 - 2 - هل هذا حكم تكويني أم تشريعي؟
لا شك في أن الأمثال التالية تشير إلى سنة تكوينية تطبق على المخلوقات جميعا، حتى على ذرات الوجود في الأرض والسماء، وهي جذب الشئ لنظيره كما يجذب الكهرب التبن.
أصحاب النور ينجذبون إلى أصحاب النور.
وأصحاب النار يميلون إلى أصحاب النار.
و " السنخية علة الانظمام " كما يقول المثل.