الإمام الباقر (عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها ودخل زقاق قد سماه يعني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لاتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنه، قال: فآتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا فأخبره، مهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون. (1) 2 - التفسير 3 - مكافحة السفور وخائنة الأعين:
قلنا في البداية: إن هذه السورة - في الحقيقة - اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الانحرافات الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصة بالنظر إلى الأجنبية والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصة بالقذف.
تقول الآية أولا: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم.
وكلمة " يغضوا " مشتقة من " غض " من باب " رد " وتعني في الأصل التنقيص، وتطلق غالبا على تخفيض الصوت وتقليل النظر. لهذا لم تأمر الآية أن يغمض المؤمنون عيونهم. بل أمرت أن يغضوا من نظرهم. وهذا التعبير الرائع جاء لينفي غلق العيون بشكل تام بحيث لا يعرف الإنسان طريقه بمجرد مشاهدته امرأة ليست من محارمه، فالواجب عليه أن لا يتبحر فيها، بل أن يرمي ببصره إلى الأرض، ويصدق فيه القول أنه غض من نظره وأبعد ذلك المنظر من مخيلته.