سنمحوها كما تمحى ذرات الغبار في الهواء، لشركهم وكفرهم.
3 - آفات العمل الصالح:
كلمة " هباء " بمعنى ذرات الغبار الصغيرة جدا التي لا ترى بالعين المجردة وفي الحال العادية أبدا إلا في الوقت الذي يدخل نور الشمس إلى الغرفة المظلمة من ثقب أو كوة، فيكشف عن هذه الذرات ويمكن مشاهدتها.
هذا التعبير يدل على أن أعمال أولئك لا قيمة لها ولا اثر إلى حد كأنهم لم يعملوا شيئا، وإن كانوا قد سعوا واجتهدوا سنين طويلة.
هذه الآية نظيرة الآية (18) من سورة إبراهيم التي تقول: مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
الدليل المنطقي لذلك واضح أيضا، لأن الشئ الذي يعطي عمل الإنسان الشكل والمحتوى، هو النية والدافع وغاية العمل النهائية، فأهل الإيمان يتوجهون لإنجاز أعمالهم بدافع إلهي وعلى أساس أهداف مقدسة طاهرة، وخطط سليمة صحيحة، في حين أن من لا إيمان لهم، فغالبا يقعون أسارى التظاهر والرياء والغرور والعجب، فيكون سببا في انعدام أية قيمة لأعمالهم.
على سبيل المثال، نحن نعرف مساجد من مئات السنين، لم تترك عليها القرون الماضية أدنى تأثير، وبعكسها نرى بيوتا تظهر فيها الشروخ وعلامات الضعف مع مضي شهر واحد أو سنة واحدة، فالأولى بنيت من كل النواحي بناء محكما بأفضل المواد مع توقع الحوادث المستقبلية، أما الثانية فلأن الهدف من بنائها هو تهيئة المال والثروة عن طريق المظاهر والحيلة، فالعناية فيها كانت بالزخرفة فقط. (1)