* * * 2 - بحثان 3 - 1 - مرض النفاق ليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها القرآن عبارة " المرض " للنفاق، فقد استخدمها في مطلع سورة البقرة عند بيانه لصفات المنافقين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وكما قلنا في المجلد الأول في أثناء تفسير الآية المذكورة، فإن النفاق في حقيقته مرض وانحراف عن الطريق السوي، فالإنسان السليم له صورة واحدة هي انسجام روحه مع بدنه.
فإذا كان مؤمنا فكل أجزاء بدنه تعبر عن إيمانها، وإذا كان عديم الإيمان فإن ظاهره وباطنه يكشفان عن كفره وانحرافه.
أما إذا كان متظاهرا بالإيمان ومبطنا للكفر، فإن ذلك يعتبر نوعا من المرض.
وبما أن هؤلاء الأشخاص (المنافقين) لا يستحقون لطف الله ورحمته، بسبب عنادهم وإصرارهم على المضي بمناهجهم المنحرفة، فقد تركهم الله على حالهم، ليزدادوا مرضا.
والمنافقون في الواقع أخطر مجموعة في المجتمع، لأنه لا يتضح للمؤمن بأي أسلوب يجب أن يعاملهم، فهم ليسوا أصدقاء ولا يبدون أنهم أعداء، فيستفيدون من إمكانات المؤمنين ويصونون أنفسهم عن العقاب المفروض على الكفار بالتظاهر وإخفاء حقائقهم المشؤومة، فأعمالهم أتعس من أعمال الكفار.
ولكن هؤلاء لا يمكنهم أن يواصلوا هذا المنهج لمدة طويلة، فلابد أن يفتضح أمرهم وينكشف باطنهم. وكما ذكرت الآيات - موضع البحث - وسبب نزولها.
افتضاحهم في عملية تحكيم واحدة وانكشاف باطنهم الخبيث (1).