3 - 1 - المراد من كلمة " رمى " " الرمي " في الأصل هو اطلاق السهم أو قذف الحجر وأمثالهما، وطبيعي أنه يؤذي في معظم الأوقات، وقد استخدمت الكلمة هنا كناية عن اتهام الأشخاص وسبابهم ووصفهم بما لا يليق، لأن هذه الكلمات كالسهم يصيب الشخص ويجرحه.
ولعل ذلك هو السبب في استخدام هذه الآيات - والآيات المقبلة - لهذه الكلمة بشكل مطلق، فلم ترد الآية على هذا النحو (والذين يرمون المحصنات بالزنا) وإنما جاءت والذين يرمون المحصنات لأن مفهوم " يرمون " وخاصة مع ملاحظة القرائن الكلامية يستبطن معنى (الزنا)، وعدم التصريح به ولا سيما عند الحديث عن النساء العفيفات نوع من الاحترام لهن. وهذا التعبير مثال بارز لإكرام المتطهرين، ونموذج لاحترام الآدب والعفة في الكلام.
3 - 2 - لماذا أربعة شهود؟
من المعلوم أن شاهدين عادلين يكفيان - في الشريعة الإسلامية - لإثبات حق، أو ذنب اقترفه شخص ما، حتى وإن كان قتل النفس. أما في إثبات الزنا فقد اشترط الله تعالى أربعة شهود. وقد يكون ذلك لأن الناس يتعجلون الحكم في هذه المسألة، ويتطاولون بإلصاق تهمة الزنا بمجرد الشك، ولهذا شدد الإسلام في هذا المجال ليحفظ حرمات الناس وشرفهم. أما في القضايا الأخرى - حتى قتل النفس - فإن موقف الناس يختلف.
إضافة إلى أن قتل النفس ذو طرف واحد في الدعوى، أي إن المجرم واحد، أما الزنا فذو طرفين، حيث يثبت الذنب على شخصين أو ينفى عنهما، فإذ كان المخصص لكل طرف شاهدين، فيكون المجموع أربعة شهود.
وهذا الكلام تضمنه الحديث التالي: عن أبي حنيفة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)