السبيل.
ففي الإجابة: قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء.
فليس فقط أننا لم ندعهم إلى أنفسنا، بل إننا كنا نعترف بولايتك وربوبيتك، ولم نقبل غيرك معبودا لنا ولغيرنا.
وكان سبب انحراف أولئك هو: أن الله تعالى رزقهم الكثير من مواهب الدنيا ونعيمها فتمتعوا هم وآباءهم وبدلا من شكر الله تعالى غرقوا في هذه الملذات ونسوا ذكر الله: ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر ولهذا هلكوا واندثروا وكانوا قوما بورا.
هنا يوجه الله تبارك وتعالى الخطاب إلى المشركين فيقول: فقد كذبتم بما تقولون.
لأن الأمر هكذا، وكنتم أنتم قد أضللتم أنفسكم فليس لديكم القدرة على دفع العذاب عنكم: فما يستطيعون صرفا ولا نصرا، ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا.
لا شك أن " الظلم " له مفهوم واسع، ومع أن موضوع البحث في الآية هو " الشرك " الذي هو أحد المصاديق الجلية للظلم، إلا أنه لا يقدح بعمومية المفهوم.
والملفت للنظر أن " من يظلم " جاءت بصيغة الفعل المضارع، وهذا يدل على أن القسم الأول من البحث وأن كان مرتبطا بمناقشات البعث، لكن الجملة الأخيرة خطاب لهم في الدنيا، لعل قلوب المشركين تصبح مستعدة للتقبل على أثر سماعها (محاورات العابدين والمعبودين في القيامة)، فيحول الخطاب من القيامة إلى الدنيا فيقول لهم: ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا. (1)