تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٤٠٢
يومنا هذا، ولم يرتابوا في استناد المعلولات التي معها عللها الطبيعية الممكنة إلى علة واجبة، فليس استنادهم إلى العلة الواجبة لأجل الجهل بالعلة الطبيعية، وفي المعلولات المجهولة العلل كما يتوهمه هؤلاء، وهذا ثانيا.
ثم إن القرآن المثبت لتوحيد الاله إنما يثبته مع تقرير جريان قانون العلية العام بين أجزاء العالم، وتسليم استناد كل حادث إلى علة خاصة به، وتصديق ما يحكم به العقل السليم في ذلك، فإنه يسند الافعال الطبيعية إلى موضوعاتها وفواعلها الطبيعية وينسب إلى الانسان أفعاله الاختيارية في آيات كثيرة لا حاجة إلى نقلها، ثم ينسب الجميع إلى الله سبحانه من غير استثناء، قال تعالى: (الله خالق كل شئ) الزمر - 62، وقال تعالى: (ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا إله إلا هو) المؤمن - 62، وقال تعالى: (ألا له الخلق والامر) الأعراف - 54، وقال تعالى: (له ما في السماوات وما في الأرض) طه - 5، فكل ما صدق عليه اسم شئ فهو مخلوق لله منسوب إليه على ما يليق بساحة قدسه وكماله، وقد جمع في آيات أخر بين الاثباتين جميعا فنسب الفعل إلى فاعله وإلى الله سبحانه معا كقوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) الصافات - 96، فنسب أعمال الناس إليهم ونسب خلق أنفسهم وأعمالهم إليه تعالى، وقال تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) الأنفال - 17، فنسب الرمي إلى رسول الله ونفاه عنه ونسبه إلى الله تعالى إلى غير ذلك.
ومن هذا الباب آيات أخر تجمع بين الاثباتين بطريق عام كقوله تعالى: (وخلق كل شئ فقدره تقديرا) الفرقان - 2، وقال تعالى: (إنا كل شئ خلقناه بقدر - إلى أن قال - وكل صغير وكبير مستطر) القمر - 53، وقال تعالى: (قد جعل الله لكل شئ قدرا) الطلاق - 3، وقال تعالى: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر - 21، فإن تقدير كل شئ هو جعله محدودا بحدود العلل المادية والشرائط الزمانية والمكانية.
وبالجملة فكون إثبات وجود الاله الواحد في القرآن على أساس إثبات العلية والمعلولية بين جميع أجزاء العالم، ثم استناد الجميع إلى الاله الفاطر الصانع للكل مما لا يعتريه شك ولا ريب لا كما يزعمه هؤلاء من إسناد البعض إلى الله وإسناد الآخر إلى علله المادية المعلومة، وهذا ثالثا.
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في مسلك البحث التفسيري في الكتاب. 4
2 سورة الفاتحة 15
3 آية (1 - 5) معنى الحمد وأنه لله سبحانه. (بحث قرآني) 19
4 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 24
5 (6 - 7) معنى الصراط والهداية. (بحث قرآني) 28
6 معنى جرى القرآن. (بحث روائي) 37
7 سورة البقرة 43
8 آية (1 - 5) جواز التعويل على غير المحسوسات (بحث فلسفي) 47
9 وجود العلم. (بحث فلسفي) 49
10 (6 - 7) وجوه الكفر. (بحث روائي) 53
11 (21 - 25) الكلام في الاعجاز وإعجاز القرآن. (بحث قرآني) 58
12 الاعجاز وماهيته (بحث قرآني) 58
13 إعجاز القرآن. (بحث قرآني) 59
14 تحديه العام. (بحث قرآني) 59
15 تحديه بالعلم. (بحث قرآني) 62
16 التحدي بمن أنزل عليه. (بحث قرآني) 63
17 تحدي القرآن بالاخبار عن الغيب. (بحث قرآني) 64
18 تحديه بعدم الاختلاف فيه. (بحث قرآني) 66
19 التحدي بالبلاغة. (بحث قرآني) 68
20 معنى المعجزة في القرآن وما يفسر به حقيقتها. (بحث قرآني) 73
21 1 - تصديق القرآن قانون العلية العام. (بحث قرآني) 74
22 2 - إثبات القرآن ما يخرق العادة. (بحث قرآني) 74
23 3 - القرآن يسند ما أسنده إلى العلة المادية إلى الله أيضا. (بحث قرآني) 78
24 4 - القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الأنبياء في الخوارق. (بحث قرآني) 79
25 5 - القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله سبحانه. (بحث قرآني) 80
26 6 - القرآن يسند المعجزة إلى سبب غير مغلوب (بحث قرآني) 82
27 القرآن يعد المعجزة برهانا على صحة الرسالة لا دليلا عاميا. (بحث قرآني) 83
28 كلام في معنى الرسالة وما يلحق بها. (بحث قرآني) 86
29 (آية 26 - 27) المجازاة وتجسم الأعمال. (بحث قرآني) 91
30 الجبر والتفويض والامر بين الامرين. (بحث قرآني) 93
31 فيه أيضا. (بحث روائي) 97
32 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 105
33 (30 - 33) معنى جعل الخلافة وتعليم الأسماء لآدم. (بحث قرآني) 116
34 (35 - 39) جنة آدم (عليه السلام). (بحث قرآني) 127
35 أيضا فيه. (بحث روائي) 138
36 (47 - 48) أبحاث الشفاعة. (بحث قرآني) 155
37 1 - ما هي الشفاعة؟ (بحث قرآني) 157
38 2 - إشكالات الشفاعة؟ (بحث قرآني) 162
39 3 - فيمن تجري الشفاعة؟ (بحث قرآني) 169
40 4 - من تقع منه الشفاعة؟ (بحث قرآني) 171
41 5 - بماذا تتعلق الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
42 6 - متى تنفع الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
43 بحث آخر فيها. (بحث روائي) 174
44 بحث آخر فيها أيضا. (بحث فلسفي) 183
45 بحث آخر فيها أيضا. (بحث اجتماعي) 184
46 (62) الصابئين. (بحث تاريخي) 194
47 (63 - 74) إحياء الأموات والمسخ. (بحث فلسفي) 205
48 معنى التقليد. (بحث علمي أخلاقي) 209
49 (102 - 103) فيما نسب من السحر إلى سليمان وهاروت وماروت. (بحث قرآني) 233
50 بحث آخر فيه. (بحث روائي) 237
51 بحث آخر فيه أيضا. (بحث فلسفي) 241
52 أقسام الفنون الباحثة عن غرائب الآثار. (بحث علمي) 244
53 (106 - 107) النسخ. (بحث قرآني) 249
54 (116 - 117) نفى الولد عنه تعالى. (بحث قرآني) 261
55 تميزات الذوات وجودا وبداعة الايجاد. (بحث علمي وفلسفي) 262
56 (116 - 134) الإمامة وإثبات أمهات مسائلها. (بحث قرآني) 267
57 (125 - 129) قصة بناء إبراهيم (عليه السلام) للكعبة وما يتعلق بها من دعائه للنبي وأمته ومعنى ذلك. (بحث قرآني) 280
58 أيضا فيه وما أورد على ما ورد في فضائل الكعبة والجواب عنه (بحث روائي) 286
59 معنى قصة إبراهيم وسر تشريع الحج. (بحث علمي) 298
60 (130 - 134) معنى الاسلام - مراتب الاسلام والايمان. (بحث قرآني) 301
61 (142 - 151) تشريع القبلة ومعنى شهادة الأمة على الناس والرسول على الأمة. (بحث قرآني) 317
62 أيضا فيه (بحث روائي) 331
63 تشخيص القبلة (بحث علمي تاريخي) 335
64 أيضا في معنى القبلة وفوائد ها. (بحث اجتماعي) 337
65 (151) معنى الذكر. (بحث قرآني) 339
66 (153 - 157) نشأة البرزخ. (بحث قرآني) 347
67 تجرد النفس. (بحث قرآني) 350
68 الأخلاق. (بحث قرآني) 354
69 البرزخ أيضا. (بحث روائي) 362
70 تجرد النفس أيضا. (بحث فلسفي) 364
71 بحث في الأخلاق. (بحث أخلاقي) 370
72 (162 - 167) استناد مصنوعات الانسان إلى الله سبحانه. (بحث قرآني) 400
73 (163 - 167) معنى الحب وتعلقه بالله تعالى. (بحث قرآني) 405
74 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 409
75 دوام العذاب وانقطاعه. (بحث فلسفي) 412
76 التقليد واتباع الخرافة. (بحث أخلاقي اجتماعي 421
77 معنى الأبرار. (بحث قرآني) 430
78 (177 - 179) القصاص وما أشكل عليه والجواب عنه. (بحث علمي) 434