تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
في حياته السعيدة إلى جمع كلا الكمالين والسعادتين المادية والمعنوية، فهذه الأمة هي الوسط العدل الذي به يقاس ويوزن كل من طرفي الافراط والتفريط فهي الشهيدة على سائر الناس الواقعة في الأطراف والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو المثال الأكمل من هذه الأمة - هو شهيد على نفس الأمة فهو صلى الله عليه وآله وسلم ميزان يوزن به حال الآحاد من الأمة، والأمة ميزان يوزن به حال الناس ومرجع يرجع إليه طرفا الافراط والتفريط، هذا ما قرره بعض المفسرين في معنى الآية وهو في نفسه معنى صحيح لا يخلو عن دقة إلا أنه غير منطبق على لفظ الآية فإن كون الأمة وسطا إنما يصحح كونها مرجعا يرجع إليه الطرفان، وميزانا يوزن به الجانبان لا كونها شاهدة تشهد على الطرفين، أو يشاهد الطرفين، فلا تناسب بين الوسطية بذاك المعنى والشهادة وهو ظاهر، على أنه لا وجه حينئذ للتعرض بكون رسول الله شهيدا على الأمة إذ لا يترتب شهادة الرسول على الأمة على جعل الأمة وسطا، كما يترتب الغاية على المغيى والغرض على ذيه.
على أن هذه الشهادة المذكورة في الآية، حقيقة من الحقائق القرآنية تكرر ذكرها في كلامه سبحانه، واللائح من موارد ذكرها معنى غير هذا المعنى، قال تعالى (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) النساء - 41، وقال تعالى (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون) النحل - 84، (وقال تعالى ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء) الزمر - 69، والشهادة فيها مطلقة وظاهر الجميع على اطلاقها هو الشهادة على اعمال الأمم، وعلى تبليغ الرسل أيضا، كما يومي إليه قوله تعالى (ولنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين) الأعراف - 6، وهذه الشهادة وإن كانت في الآخرة يوم القيمة لكن تحملها في الدنيا على ما يعطيه قوله تعالى - حكاية عن عيسى عليه السلام - (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) المائدة - 117، وقوله تعالى (ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا) النساء - 159، ومن الواضح أن هذه الحواس العادية التي فينا، والقوى المتعلقة بها منا لا تتحمل إلا صور الافعال والأعمال فقط، وذلك التحمل أيضا، إنما يكون في شئ يكون موجودا حاضرا عند الحس لا معدوما ولا غائبا عنه وأما حقائق الأعمال والمعاني النفسانية من الكفر والايمان والفوز والخسران، وبالجملة كل خفي عن الحس ومستبطن عند الانسان - وهي التي تكسب
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في مسلك البحث التفسيري في الكتاب. 4
2 سورة الفاتحة 15
3 آية (1 - 5) معنى الحمد وأنه لله سبحانه. (بحث قرآني) 19
4 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 24
5 (6 - 7) معنى الصراط والهداية. (بحث قرآني) 28
6 معنى جرى القرآن. (بحث روائي) 37
7 سورة البقرة 43
8 آية (1 - 5) جواز التعويل على غير المحسوسات (بحث فلسفي) 47
9 وجود العلم. (بحث فلسفي) 49
10 (6 - 7) وجوه الكفر. (بحث روائي) 53
11 (21 - 25) الكلام في الاعجاز وإعجاز القرآن. (بحث قرآني) 58
12 الاعجاز وماهيته (بحث قرآني) 58
13 إعجاز القرآن. (بحث قرآني) 59
14 تحديه العام. (بحث قرآني) 59
15 تحديه بالعلم. (بحث قرآني) 62
16 التحدي بمن أنزل عليه. (بحث قرآني) 63
17 تحدي القرآن بالاخبار عن الغيب. (بحث قرآني) 64
18 تحديه بعدم الاختلاف فيه. (بحث قرآني) 66
19 التحدي بالبلاغة. (بحث قرآني) 68
20 معنى المعجزة في القرآن وما يفسر به حقيقتها. (بحث قرآني) 73
21 1 - تصديق القرآن قانون العلية العام. (بحث قرآني) 74
22 2 - إثبات القرآن ما يخرق العادة. (بحث قرآني) 74
23 3 - القرآن يسند ما أسنده إلى العلة المادية إلى الله أيضا. (بحث قرآني) 78
24 4 - القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الأنبياء في الخوارق. (بحث قرآني) 79
25 5 - القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله سبحانه. (بحث قرآني) 80
26 6 - القرآن يسند المعجزة إلى سبب غير مغلوب (بحث قرآني) 82
27 القرآن يعد المعجزة برهانا على صحة الرسالة لا دليلا عاميا. (بحث قرآني) 83
28 كلام في معنى الرسالة وما يلحق بها. (بحث قرآني) 86
29 (آية 26 - 27) المجازاة وتجسم الأعمال. (بحث قرآني) 91
30 الجبر والتفويض والامر بين الامرين. (بحث قرآني) 93
31 فيه أيضا. (بحث روائي) 97
32 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 105
33 (30 - 33) معنى جعل الخلافة وتعليم الأسماء لآدم. (بحث قرآني) 116
34 (35 - 39) جنة آدم (عليه السلام). (بحث قرآني) 127
35 أيضا فيه. (بحث روائي) 138
36 (47 - 48) أبحاث الشفاعة. (بحث قرآني) 155
37 1 - ما هي الشفاعة؟ (بحث قرآني) 157
38 2 - إشكالات الشفاعة؟ (بحث قرآني) 162
39 3 - فيمن تجري الشفاعة؟ (بحث قرآني) 169
40 4 - من تقع منه الشفاعة؟ (بحث قرآني) 171
41 5 - بماذا تتعلق الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
42 6 - متى تنفع الشفاعة؟ (بحث قرآني) 173
43 بحث آخر فيها. (بحث روائي) 174
44 بحث آخر فيها أيضا. (بحث فلسفي) 183
45 بحث آخر فيها أيضا. (بحث اجتماعي) 184
46 (62) الصابئين. (بحث تاريخي) 194
47 (63 - 74) إحياء الأموات والمسخ. (بحث فلسفي) 205
48 معنى التقليد. (بحث علمي أخلاقي) 209
49 (102 - 103) فيما نسب من السحر إلى سليمان وهاروت وماروت. (بحث قرآني) 233
50 بحث آخر فيه. (بحث روائي) 237
51 بحث آخر فيه أيضا. (بحث فلسفي) 241
52 أقسام الفنون الباحثة عن غرائب الآثار. (بحث علمي) 244
53 (106 - 107) النسخ. (بحث قرآني) 249
54 (116 - 117) نفى الولد عنه تعالى. (بحث قرآني) 261
55 تميزات الذوات وجودا وبداعة الايجاد. (بحث علمي وفلسفي) 262
56 (116 - 134) الإمامة وإثبات أمهات مسائلها. (بحث قرآني) 267
57 (125 - 129) قصة بناء إبراهيم (عليه السلام) للكعبة وما يتعلق بها من دعائه للنبي وأمته ومعنى ذلك. (بحث قرآني) 280
58 أيضا فيه وما أورد على ما ورد في فضائل الكعبة والجواب عنه (بحث روائي) 286
59 معنى قصة إبراهيم وسر تشريع الحج. (بحث علمي) 298
60 (130 - 134) معنى الاسلام - مراتب الاسلام والايمان. (بحث قرآني) 301
61 (142 - 151) تشريع القبلة ومعنى شهادة الأمة على الناس والرسول على الأمة. (بحث قرآني) 317
62 أيضا فيه (بحث روائي) 331
63 تشخيص القبلة (بحث علمي تاريخي) 335
64 أيضا في معنى القبلة وفوائد ها. (بحث اجتماعي) 337
65 (151) معنى الذكر. (بحث قرآني) 339
66 (153 - 157) نشأة البرزخ. (بحث قرآني) 347
67 تجرد النفس. (بحث قرآني) 350
68 الأخلاق. (بحث قرآني) 354
69 البرزخ أيضا. (بحث روائي) 362
70 تجرد النفس أيضا. (بحث فلسفي) 364
71 بحث في الأخلاق. (بحث أخلاقي) 370
72 (162 - 167) استناد مصنوعات الانسان إلى الله سبحانه. (بحث قرآني) 400
73 (163 - 167) معنى الحب وتعلقه بالله تعالى. (بحث قرآني) 405
74 أيضا فيه. (بحث فلسفي) 409
75 دوام العذاب وانقطاعه. (بحث فلسفي) 412
76 التقليد واتباع الخرافة. (بحث أخلاقي اجتماعي 421
77 معنى الأبرار. (بحث قرآني) 430
78 (177 - 179) القصاص وما أشكل عليه والجواب عنه. (بحث علمي) 434