وبذلك يتحصل رجاء النجاة وخوف الهلاك، ويسلك نفس المؤمن بين الخوف والرجاء فيعبد ربه رغبة ورهبة، ويسير في حياته سيرا معتدلا غير منحرف لا إلى خمود القنوط، ولا إلى كسل الوثوق.
وثانيا: أن الاسلام قد وضع من القوانين الاجتماعية من مادياتها ومعنوياتها ما يستوعب جميع الحركات والسكنات الفردية والاجتماعية، ثم اعتبر لكل مادة من موادها ما هو المناسب له من التبعة والجزاء من دية وحد وتعزير إلى أن ينتهي إلى تحريم مزايا الاجتماع واللوم والذم والتقبيح، ثم تحفظ على ذلك بعد تحكيم حكومة أولياء الامر، بتسليط الكل على الكل بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم أحيى ذلك بنفخ روح الدعوة الدينية المضمنة بالانذار والتبشير بالعقاب والثواب في الآخرة، وبنى أساس تربيته بتلقين معارف المبدا والمعاد على هذا الترتيب.
فهذا ما يرومه الاسلام بتعليمه، جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدقه التجارب الواقع في عهده وعهد من يليه حتى أثبت به أيدي الولاة في السلطنة الأموية ومن شايعهم في استبدادهم ولعبهم بأحكام الدين وابطالهم الحدود والسياسات الدينية حتى آل الامر إلى ما آل إليه اليوم وارتفعت أعلام الحرية وظهرت المدنية الغربية ولم يبق من الدين بين المسلمين إلا كصبابة في إناء فهذا الضعف البين في سياسة الدين وارتجاع المسلمين القهقرى هو الموجب لتنزلهم في الفضائل والفواضل وانحطاطهم في الأخلاق والآداب الشريفة وانغمارهم في الملاهي والشهوات وخوضهم في الفواحش والمنكرات، هو الذي أجراهم على انتهاك كل حرمة واقتراف كل ما يستشنعه حتى غير المنتحل بالدين لا ما يتخيله المعترض من إستناد الفساد إلى بعض المعارف الدينية التي لا غاية لها وفيها إلا سعادة الانسان في آجله وعاجله والله المعين، والاحصاء الذي ذكروها إنما وقع على جمعية المتدينين وليس عليهم قيم ولا حافظ قوي وعلى جمعية غير المنتحلين، والتعليم والتربية الاجتماعيان قيمان عليهم حافظان لصلاحهم الاجتماعي فلا يفيد فيما أراده شيئا وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب