ويوم الجفار، ويوم النسار، * كانا عذابا، وكانا غراما (1) والمثقل: المحمل الثقل، وهو مثقل بالدين، ومثقل بالعيال، ومثقل بما عليه من الحقوق اللازمة والأمور الواجبة. والمكظوم: المحبوس عن التصرف في الأمور، ومنه كظمت رأس القربة إذا شددته. وكظم غيظه إذا حبسه بقطعه عما يدعو إليه.
وكظم خصمه إذا أجابه بالمسكت. والعراء: الأرض العارية من النبات. قال قيس بن جعدة:
ورفعت رجلا، لا أخاف عثارها، * ونبذت بالبلد العراء ثيابي المعنى: ثم خاطب سبحانه النبي (ص) فقال على وجه التوبيخ للكفار. (أم تسألهم أجرا) هذا عطف على قوله: (أم لكم كتاب فيه تدرسون) ذكر سبحانه جميع ما يحتج به فقال: أم تسأل يا محمد هؤلاء الكفار إجزاء على أداء الرسالة، والدعاء إلى الله (فهم من مغرم) أي هم من لزوم ذلك (مثقلون) أي محملون الأثقال (أم عندهم الغيب فهم يكتبون) أي هل عندهم علم بصحة ما يدعونه اختصوا به لا يعلمه غيرهم، فهم يكتبونه، ويتوارثونه، وينبغي أن يبرزوه.
ثم قال للنبي (ص): (فاصبر لحكم ربك) في إبلاغ الرسالة، وترك مقابلتهم بالقبيح. وقيل: اللام تجري مجرى إلى، والمعنى. اصبر إلى أن يحكم الله بنصر أوليائك، وقهر أعدائك. وقيل. معناه فاصبر لحكم الله في التخلية بين الظالم والمظلوم، حتى يبلغ الكتاب أجله (ولا تكن كصاحب الحوت) يعني يونس أي لا تكن مثله في استعجال عقاب قومه، وإهلاكهم، ولا تخرج من بين قومك من قبل أن يأذن لك الله كما خرج هو (إذ نادى وهو مكظوم) أي دعا ربه في جوف الحوت، وهو محبوس عن التصرف في الأمور والذي نادى به قوله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وقيل: مكظوم أي مختنق بالغم إذ لم يجد لغيظه شفاء.
(لولا أن تداركه نعمة من ربه) أي لولا أن أدركته رحمة من ربه بإجابة دعائه، وتخليصه من بطن الحوت، وتبقيته فيه حيا، وإخراجه منه حيا (لنبذ) أي طرح (بالعراء) أي الفضاء (وهو مذموم) ملوم مليم قد أتى بما يلام عليه، ولكن الله