يعلمها (ما أدارك) لأنه إنما يعلمها بالصفة.
ثم أخبر سبحانه عن المكذبين بها فقال: (كذبت ثمود وعاد بالقارعة) أي بيوم القيامة. وإنما حسن أن توضع القارعة موضع الكناية، لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها الحاقة وإلا فقد كان يكفي أن يقول كذبت ثمود وعاد بها. ثم أخبر سبحانه عن كيفية إهلاكهم، فقال. (فأما ثمود) وهم قوم صالح (فأهلكوا بالطاغية) أي أهلكوا بطغيانهم وكفرهم عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: معناه أهلكوا بالصيحة الطاغية، وهي التي جاوزت المقدار حتى أهلكتهم، عن قتادة، والجبائي، وأبي مسلم. وقال الزجاج: أهلكوا بالرجفة الطاغية. وقيل: بالخصلة المتجاوزة لحال غيرها في الشدة التي أهلك الله بها أهل، الفساد. (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر) أي باردة، عن ابن عباس، وقتادة. كأنه تصطك الأسنان بما يسمع من صوتها لشدة بردها. وقيل: الصرصر الشديدة العصوف، المتجاوزة لحدها المعروف.
(عاتية) عتت على خزانها في شدة الهبوب. روى الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: ما يخرج من الريح شئ إلا عليها خزان يعلمون قدرها، وعددها، وكيلها، حتى كانت التي أرسلت على عاد، فاندفق منها، فهم لا يعلمون قدر غضب الله، فلذلك سميت عاتية. (سخرها عليهم) أي سلطها الله، وأرسلها عليهم سبع ليال وثمانية أيام) قال وهب: وهي التي تسميها العرب أيام العجوز، ذات برد ورياح شديدة. وإنما نسبت هذه الأيام إلى العجوز، لأن عجوزا دخلت سربا، فتبعتها الريح فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب، فانقطع العذاب في اليوم الثامن. وقيل:
سميت أيام العجوز، لأنها في عجز الشتاء، ولها أسامي مشهورة، قالوا لليوم الأول صن وللثاني صنبر والثالث وبر وللرابع مطفئ الجمر وللخامس مكفئ الظعن، وقيل للسادس الآمر وللسابع المؤتمر وللثامن المعلل. وقال في ذلك شاعرهم:
كسع الشتاء بسبعة غبر * أيام شهلتنا مع الشهر (1) فبآمر، وأخيه مؤتمر، * ومعلل، وبمطفئ الجمر فإذا انقضت أيام شهلتنا * بالصن، والصنبر، والوبر