أن يصلوا قبل خروج الإمام؟ فقال: لا أريد أن أنهى عبدا إذا صلى، ولكنا نحدثهم بما شهدنا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو كما قال. ومعنى أرأيت ههنا تعجيب للمخاطب.
ثم كرر هذه اللفظة تأكيدا في التعجيب فقال: (أرأيت إن كان على الهدى) يعني العبد المنهي، وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم (أو أمر بالتقوى) يعني بالإخلاص والتوحيد، ومخافة الله تعالى. وههنا حذف أيضا تقديره كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة، ويزجره عنها. ثم قال: (أرأيت إن كذب) أبو جهل (وتولى) عن الإيمان، وأعرض عن قبوله والإصغاء إليه (ألم يعلم بأن الله يرى) ما يفعله، ويعلم ما يصنعه، والتقدير: أرأيت الذي فعل هذا الفعل ما الذي يستحق بذلك من الله تعالى من العقاب. وقيل: إن تقدير نظم الآية: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، وهو على الهدى، آمر بالتقوى. والناهي كاذب مكذب متول عن الإيمان، فما أعجب هذا. ثم هدده بقوله: ألم يعلم هذا المكذب فإن لم يعلم فليعلم بأن الله يرى هذا الصنيع الشنيع، فيؤاخذه به. وفي هذا إشارة إلى فعل الطاعة، وترك المعصية.
ثم قال سبحانه: (كلا) أي لا يعلم ذلك (لئن لم ينته) يعني إن لم يمتنع أبو جهل عن تكذيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإيذائه (لنسفعن بالناصية) أي لنجرن بناصيته إلى النار. وهذا كقوله (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) ومعناه لنذلنه ونقيمنه مقام الأذلة ففي الأخذ بالناصية إهانة واستخفاف. وقيل: معناه لنغيرن وجهه، ونسودنه بالنار يوم القيامة، لأن السفع أثر الإحراق بالنار. ثم أخبر سبحانه عنه بأنه فاجر خاطئ، بأن قال: (ناصية كاذبة خاطئة) وصفها بالكذب والخطأ بمعنى أن صاحبها كاذب في أقواله، خاطئ في أفعاله. لما ذكر الجر بها أضاف الفعل إليها. قال ابن عباس:
لما أتى أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتهره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أبو جهل: أتنتهرني يا محمد، فوالله لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديا مني. فأنزل الله سبحانه (فليدع ناديه). وهذا وعيد أي: فليدع أهل ناديه أي أهل مجلسه يعني عشيرته، فليستنصر بهم إذا حل عقاب الله به، والنادي: الفناء. قال: (وتأتون في ناديكم المنكر).
ثم قال: (سندع الزبانية) يعني الملائكة الموكلين بالنار وهم الملائكة الغلاظ الشداد قال ابن عباس لو دعا ناديه لأخذته زبانية النار من ساعته معاينة وقيل إنه إخبار بأنه يدعو إليه الزبانية دعا ناديه أم لم يدع وصدق سبحانه ذلك فقتل أبو جهل يوم بدر ثم قال (كلا) أي ليس الأمر على ما عليه أبو جهل (لا تطعه) في النهي عن الصلاة