(ومزاجه من تسنيم) أي ومزاج ذلك الشراب الذي وصفناه، وهو ما يمزج به، من تسنيم، وهو عين في الجنة، وهو أشرف شراب في الجنة. قال مسروق:
يشربها المقربون صرفا، ويمزج بها كأس أصحاب اليمين، فيطيب. وروى ميمون بن مهران أن ابن عباس سئل عن تسنيم فقال: هذا مما يقول الله، عز وجل:
(فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين)، ونحو هذا قول الحسن: خفايا أخفاها الله لأهل الجنة. وقيل: هو شراب ينصب عليهم من علو انصبابا، عن مقاتل.
وقيل: هو نهر يجري في الهواء، فينصب في أواني أهل الجنة بحسب الحاجة، عن قتادة. ثم فسره سبحانه فقال: (عينا يشرب بها المقربون) أي هي خالصة للمقربين يشربونها صرفا، ويمزج لسائر أهل الجنة، عن ابن مسعود، وابن عباس.
(إن الذين أجرموا) يعني كفار قريش ومترفيهم، كأبي جهل والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل وأصحابهم. (كانوا من الذين آمنوا) يعني أصحاب النبي (ص) مثل عمار وخباب وبلال وغيرهم (يضحكون) على وجه السخرية بهم والاستهزاء في دار الدنيا. ويحتمل أن يكون ضحكوا من جدهم في عبادتهم، وكثرة صلاتهم وصيامهم، لإنكارهم الجزاء والبعث. ويجوز أن يكون كان ضحكهم إنكارا وتعجبا من قولهم بالإعادة، وإحياء العظام الرميمة. ويحتمل أن يكون ذلك لغلوهم في كفرهم، وجهلهم، ولإيهام العوام أنهم على حق، وأن المسلمين على باطل، فكانوا يضحكون. (وإذا مروا بهم) يعني: وإذا مر المؤمنون بهؤلاء المشركين (يتغامزون) بأن يشير بعضهم إلى بعض بالأعين والحواجب، استهزاء بهم أي:
يقول هؤلاء إنهم على حق، وإن محمدا (ص) أنزل عليه الوحي، وإنه رسول، وإنا نبعث، ونحو ذلك. وقيل: نزلت في علي بن أبي طالب (ع)، وذلك أنه كان في نفر من المسلمين جاؤوا إلى النبي (ص)، فسخر منهم المنافقون، وضحكوا وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه! فنزلت الآية قبل أن يصل علي (ع) وأصحابه إلى النبي (ص)، عن مقاتل والكلبي. وذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: إن الذين أجرموا منافقو قريش، والذين آمنوا علي بن أبي طالب (ع) وأصحابه.
(وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين) يعني: وإذا رجع هؤلاء الكفار إلى