الجلال والبهاء. وعز الرسول خمسة: عز السبق والابتداء، وعز الأذان والنداء وعز قدم الصدق على الأنبياء، وعز الاختيار والاصطفاء، وعز الظهور على الأعداء وعز المؤمنين خمسة: عز التأخير بيانه (نحن الآخرون السابقون) "، وعز التيسير بيانه (ولقد يسرنا القرآن للذكر)، (يريد الله بكم اليسر) "، وعز التبشير بيانه (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) "، وعز التوقير بيانه (وأنتم الأعلون) "، وعز التكثير بيانه أنهم أكثر الأمم.
(ولكن المنافقين لا يعلمون) " فيظنون أن العزة لهم، وذلك لجهلهم بصفات الله تعالى وما يستحقه أولياؤه. ووجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله (ولله العزة جميعا) أن عز الرسول والمؤمنين من جهته عز اسمه، وإنما يحصل به وبطاعته، فلله العز بأجمعه. ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم) أي لا تشغلكم (أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) " أي عن الصلوات الخمس المفروضة. وقيل. ذكر الله جميع طاعاته، عن أبي مسلم. وقيل. ذكره شكره على نعمائه، والصبر على بلائه، والرضا بقضائه، وهو إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يغفل المؤمن عن ذكر الله في بؤس كان أو نعمة، فإن إحسانه في الحالات لا ينقطع (ومن يفعل ذلك) أي من يشغله ماله وولده عن ذكر الله (فأولئك هم الخاسرون) خسروا ثواب الله ورحمته (وأنفقوا مما رزقناكم) في سبيل البر فيدخل فيه الزكوات، وسائر الحقوق الواجبة (من قبل أن يأتي أحدكم الموت) " أي أسباب الموت (فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب) " أي هلا أخرتني، وذلك إذا عاين علامات الآخرة، فيسأل الرجعة إلى الدنيا ليتدارك الفائت. قالوا: وليس في الزجر عن التفريط في حقوق الله آية أعظم من هذه. وقوله (إلى أجل قريب) أي مثل ما أجلت لي في دار الدنيا.
(فأصدق) " أي فأتصدق وأزكي مالي، وأنفقه في سبيل الله (وأكن من الصالحين) أي من الذين يعملون الأعمال الصالحة. وقيل: (من الصالحين) " أي من المؤمنين. والآية في المنافقين، عن مقاتل. وقيل: من المطيعين لله والآية في المؤمنين، عن ابن عباس قال. ما من أحد يموت وكان له مال، فلم يؤد زكاته، وأطاق الحج فلم يحج، إلا سأل الرجعة عند الموت. قالوا: يا بن عباس! اتق الله فإنما نرى هذا الكافر يسأل الرجعة. فقال: أنا أقرأ عليكم قرآنا. ثم قرأ هذه الآية