الحجة: حجة الياء أن الاسم الظاهر قد تقدم، ووجه النون أنه كقوله (سبحان الذي أسرى بعبده) ثم جاء. (وآتينا موسى الكتاب).
الاعراب: (ذلك بأنه): الهاء ضمير الأمر والشأن. (أبشر) ": مبتدأ، وإنما جاز أن يكون مبتدأ مع كونه نكرة، لأن الاستفهام سوغ ذلك، كما أن النفي أيضا كذلك، لكونهما غير موجبين. يقال: أرجل في الدار أم امرأة، ولا رجل في الدار، ولا امرأة. وقيل: إنه فاعل فعل مضمر يفسره قوله (يهدوننا) كأنه قال: أيهدينا بشر يهدوننا. وإنما أضمر لأن الاستفهام بالفعل أولى. وقوله (أن لن يبعثوا) " تقديره:
إنهم لن يبعثوا، فسدت الجملة عن المفعولين بما جرى فيها من ذكر الحديث والمحدث عنه. ولما كان لن في (لن يبعثوا) دليل الاستقبال، تعينت أن قبلها لأن تكون مخففة من الثقيلة، لأن لن يمنعها من أن تكون ناصبة للفعل. (يوم نجمعكم): ظرف لتبعثن.
المعنى: لما قرر سبحانه خلقه بأنهم أتاهم أخبار من مضى من الكفار وإهلاكهم، عقبه ببيان سبب إهلاكهم فقال: (ذلك) أي ذلك العذاب الذي نالهم في الدنيا، والذي ينالهم في الآخرة (بأنه كانت تأتيهم) أي بسبب أنه كانت تجيئهم (رسلهم) من عند الله (بالبينات) أي بالدلالات الواضحات، والمعجزات الباهرات (فقالوا) لهم (أبشر يهدوننا) لفظه واحد والمراد به الجمع على طريق الجنس بدلالة قوله: (يهدوننا). والمعنى: أخلق مثلنا يهدوننا إلى الحق، ويدعوننا إلى غير دين آبائنا، استصغارا منهم للبشر أن يكونوا رسلا من الله إلى أمثالهم، واستكبارا وأنفة من اتباعهم. (فكفروا) بالله وجحدوا رسله (وتولوا) أي أعرضوا عن القبول منهم، والتفكر في آياتهم (واستغنى الله) بسلطانه عن طاعة عباده. وإنما كلفهم لنفعهم لا لحاجة منه إلى عبادتهم. وقيل: معناه واستغنى الله بما أظهره لهم من البرهان، وأوضحه من البيان، عن زيادة تدعو إلى الرشد، وتهدي إلى الإيمان.
(والله غني حميد) أي غني عن أعمالكم، مستحمد إليكم بما ينعم به عليكم. وقيل: حميد أي محمود في جميع أفعاله، لأنها كلها إحسان. ثم حكى سبحانه ما يقوله الكفار فقال: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) " قال ابن عمر. زعم زاملة الكذب. وقال شريح: زعم كنية الكذب بين الله سبحانه بعض ما لأجله اختاروا الكفر على الإيمان، وهو أنهم كانوا لا يقرون بالبعث والنشور، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن