الاعراب: (قليلا) في الموضعين: صفة مصدر محذوف. و (ما) مزيدة وتقديره: إيمانا قليلا تؤمنون وتذكرا قليلا تذكرون. ويجوز أن يكون صفة لظرف محذوف أي: وقتا قليلا تؤمنون، ووقتا قليلا تذكرون. ويجوز أن تكون (ما) مصدرية، ويكون التقدير: قليلا إيمانكم، وقليلا تذكركم. ويكون (ما) في موضع رفع بقليل. وقوله (من أحد): في موضع رفع، لأنه اسم (ما)، و (من) مزيدة لتأكيد النفي تقديره: فما منكم أحد. والأصل فما أحد منكم. فمنكم: في موضع رفع بكونه صفة على الموضع أو في موضع جر على اللفظ. فلما تقدم الموصوف صار في موضع النصب على الحال. (حاجزين) منصوب بأنه خبر (ما) ولم يبطل قوله (منكم) عمل (ما)، وإن فصل بينهما، لأنه ظرف. والفصل بالظرف في هذا الباب كلا فصل. قال أبو علي: إن جعلت (منكم) مستقرا كان (حاجزين) صفة (أحد). وإن جعلت (منكم) غير مستقر، كان (حاجزين) خبر (ما). وعلى الوجهين فقوله (حاجزين): محمول على المعنى. وأقول في بيانه: إنه إن كان في (منكم) ضمير لأحد، ويكون خبرا له متقدما عليه، فيكون (حاجزين) صفة لأحد، وتقديره: ما منكم قوم حاجزون عنه، ويكون (ما) غير عاملة هنا على غير لغة تميم أيضا، ويكون (حاجزين) مجرورا حملا على اللفظ، وكونه غير مستقر هو أن يكون على ما ذكرناه قبل.
المعنى: ثم أكد سبحانه ما تقدم فقال: (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون) قيل فيه وجوه أحدها: أن يكون قوله (لا) ردا لكلام المشركين، فكأنه قال: ليس الأمر كما يقول المشركون أقسم بالأشياء كلها ما يبصر منها، وما لا يبصر، ويدخل فيها جميع المكونات (إنه لقول رسول كريم) يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عن الفراء وقتادة. وثانيها: إن (لا) مزيدة مؤكدة والتقدير: فأقسم بما ترون، وما لا ترون وثالثها: إنه نفي للقسم ومعناه لا يحتاج إلى القسم لوضوح الأمر في أنه رسول كريم، فإنه أظهر من أن يحتاج في إثباته إلى قسم، عن أبي مسلم ورابعها: إنه كقول القائل: لا والله لا أفعل ذلك، ولا والله لأفعلن ذلك. وقال الجبائي. إنما أراد أنه لا يقسم بالأشياء المخلوقات، ما يرى وما لا يرى، وإنما أقسم بربها، لأن القسم لا يجوز إلا بالله.
(إنه لقول رسول كريم) قال: إنه قول الله على الحقيقة، وإنما الملك