جنسها. والمراد: استدلوا بذلك على صدق الرسول، إذ كان وعد المؤمنين أن الله سبحانه سيورثهم ديارهم، وأموالهم بغير قتال. فجاء المخبر على ما أخبر، فكان آية دالة على نبوته، ولا دليل في الآية على صحة القياس في الشريعة، لأن الاعتبار ليس من القياس في شئ لما ذكرناه، ولأنه لا سبيل لأهل القياس إلى العلم بالترجيح، ولا يعلم كل من الفريقين علة الأصل للآخر، فإن علة الربا عند أحدهما الكيل والوزن والجنس، وعند الآخر الطعم والجنس، وفي الدراهم، والدنانير، لأنهما جنس الأثمان. وقال آخرون أشياء أخر، وليس هذا باعتبار، إذ لا سبيل إلى المعرفة (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء) أي حكم عليهم أنهم يجلون عن ديارهم (1)، وينقلون عن أوطانهم (لعذبهم في الدنيا) بعذاب الاستئصال (2)، أو القتل والسبي، كما فعل ببني قريظة، لأنه تعالى علم أن كلا الأمرين في المصلحة سواء، وقد سبق حكمه بالجلاء (ولهم في الآخرة) مع الجلاء عن الأوطان (عذاب النار) لأن أحدا منهم لم يؤمن. وقيل: إن ذلك مشروط بالإصرار، وترك التوبة.
(ذلك) الذي فعلنا بهم (بأنهم شاقوا الله) أي خالفوا الله (ورسوله). ثم توعد من حذا حذوهم، وسلك سبيلهم، في مشاقة الله ورسوله فقال: (ومن يشاق الله) أي يخالفه (فإن الله شديد العقاب) يعاقبهم على مشاقتهم، أشد العقاب.
(ما قطعتم من لينة) أي نخلة كريمة من أنواع النخيل، عن مجاهد وابن زيد.
وقيل: كل نخلة سوى العجوة، عن ابن عباس وقتادة. (أو تركتموها قائمة على أصولها) فلم تقطعوها، ولم تقلعوها (فبإذن الله) أي بأمره كل ذلك سائغ لكم، علم الله سبحانه ذلك، وأذن فيه، ليذل به أعداءه (وليخزي الفاسقين) من اليهود، ويهينهم به، لأنهم إذا رأوا عدوهم يتحكم في أموالهم، كان ذلك خزيا لهم.
(وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شئ قدير (6) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن