تأتيه وتطوف به. فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدنة، فدعا بحالقه فحلق شعره، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) الآية. قال محمد بن إسحاق بن يسار: وحدثني بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب: أن كاتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الصلح كان علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، سهيل بن عمرو، فجعل علي عليه السلام يتلكأ ويأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله، فقال رسول الله: فإن لك مثلها، تعطيها وأنت مضطهد. فكتب ما قالوا.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلا يأكلان من تمر لهم. قال أبو بصير لأحد الرجلين: وإني لأرى سيفك هذا جيدا جدا، فاستله وقال: أجل، إنه لجيد، وجربت به، ثم جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه. فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، وفر الآخر حتى بلغ المدينة. فدخل المسجد يعدو. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا.
فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: قتل والله صاحبي، وإني لمقتول. قال:
فجاء أبو بصير فقال: يا رسول الله! قد أوفى الله ذمتك ورددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ويل أمه مسعر حرب، لو كان له أحد! فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم. فخرج حتى أتى سيف البحر. وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بابي بصير، حتى اجتمعت عليه عصابة. قال: فوالله لا يسمعون بعير لقريش قد خرجت إلى الشام، إلا اعترضوا لها، فقتلوهم، وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن.
فأرسل صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فأتوه.
قصة فتح خيبر ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة من الحديبية، مكث بها عشرين ليلة، ثم خرج منها غاديا إلى خيبر. ذكر ابن إسحاق بإسناده، عن أبي مروان الأسلمي عن